الاربعاء 16 ذوالقعدة 1446 
qodsna.ir qodsna.ir

إنهُ شأن فِلَسطینیٌّ بامتیاز!!

 

إنهُ شأن فِلَسطینیٌّ بامتیاز!!

عدنان السمان

 

 

عندما یتحدثون عن یهودیة 'دولتهم' فإنما یتحدثون عن اقتلاعنا وتهجیرنا من هذه البلاد، وتجریدنا من أبسط حقوقنا الدینیة والقومیة والتاریخیة والسیاسیة والثقافیة والتراثیة فیها..وعندما یتحدثون عن تعدیل قانون الجنسیة، فإنما یتحدثون عن سحبها ممن حصل علیها من أبناء الشعب العربی الفلسطینی الذی فُرِضت علیه هذه 'الدولة'، ولم یُفرض هو علیها، وسعت إلیه ولم یسعَ إلیها!! وعندما یتحدثون عن تعدیل هذا التعدیل بحیث یشمل الیهود الراغبین فی الحصول على هذه الجنسیة من هؤلاء الیهود المجلوبین من بلدان الاتحاد السوفییتی الذی کان، ومن غیره من بلدان هذه الدنیا بموجب قانون عودة یهود 'الشتات'، فإنما یتحدثون عن محاولة بائسة ساذجة مکشوفة للتغطیة على عنصریتهم وتعنصرهم ضد کل ما هو غیر یهودی فی هذه الدیار، وهم إنما یتحدثون عن هروبهم وتخبطهم أمام سهام النقد التی وجهها إلیهم کل أصحاب الفکر والرأی من حملة الأقلام الحرة فی فلسطین کلّ فلسطین، وفی کل بلاد العروبة، وفی کل بلدان هذا العالم دون استثناء..لقد راحوا یحاولون الظهور کمن یساوی بین الیهود وغیر الیهود أمام مثل هذه القوانین التی ما استهدفت فی یوم من الأیام یهودیًّا واحدًا، ولا أنصفت فی یوم من الأیام أحدًا من غیر الیهود، منذ إقامة هذه الدولة العبریة على جزء من أرض العرب فی فلسطین.

إنَّ هذه المغالطات القانونیة الدستوریة التی یثیرها الیوم بنیامین نتنیاهو إرضاءً لشریکه فی الحکم أفیغدور لیبرمان، وإن هذا الخلط الواضح، والجهل الفاضح بالحدود الفاصلة بین المواطنة والاستیطان والتجنیس الذی یخوض غماره نتنیاهو إرضاءً لبعض غُلاة الیمین المتشدد فی هذه الدیار.. وإن هذا التخبط السیاسیّ الذی ینحدر بالیمین الإسرائیلی الیهودی المتشدد إلى ما دون مستوى المراهقة السیاسیة، والطفولة السیاسیة..إن کل هذه المغالطات والتناقضات والمحاولات الساذجة المکشوفة للتغطیة على هذا القانون العنصری تشکلُ أدلة جدیدة قاطعة على فشل هذا الیمین، وعدم قدرته على قیادة الیهود فی هذه الدیار، وعدم قدرته أیضًا على التوصل إلى سلام عادل دائم مقنع ترضى عنه الأجیال، وتعود معه الحقوق إلى أصحابها فی هذا الجزء المتوتر المتفجر، وفی هذه المنطقة المرشحة للاشتعال بسبب الظلم التاریخی، والغبن الذی حلّ بالفلسطینیین منذ أکثر من ستین عامًا ولا یزال.

وإن هذه المتاهات والمشکلات والفلسفات والحذلقات التی یحاول نتنیاهو إغراق هذه الدیار بها فی محاولة مکشوفة لصرف الأنظار عن مشکلاتها الحقیقیة، ولصرف الأنظار عما یجب فعله من أجل حل هذه المشکلات، لهی دلیل قاطع، وبرهان ساطع، على أن نتنیاهو لا یرید سلامًا، ولا یرید حلاً، وإنما یرید مزیدًا من التهوید، ومزیدًا من التشرید، ومزیدًا من إطلاق الوعید والتهدید، لکل فلسطینی عربی معترض على سیاساته، کما یرید أیضًا أن تستمر هذه الدوامة، وأن تستمر هذه المصائد، وهذه الکمائن، وهذه التناقضات، وهذه القوانین المسیئة سیئة الصیت والسمعة التی یُغرق بها البلاد والعباد، ویقرع بها آذاننا صباح مساء، رغبة منه فی العبث، وإمعانًا منه فی اللف والدوران!!.

لم نکن لنقول کل هذا، بل لم نکن لنقول شیئًا من هذا لو لم یکن الأمر متعلقًا بنا، ولو لم یکن الشأن شأننا من الألف إلى الیاء، ولو لم یکن کل هذا الذی یقوله نتنیاهو ویفعله موجهًا نحونا، ونحونا فقط دون باقی عباد الله فی هذه الدنیا التی کانت واسعة، ویصر نتنیاهو على تضییقها، والعبث بها، وعلى محاصرتنا فیها، لتکون فی نهایة المطاف مقبرة لأجسادنا ولأجیالنا، ولکلّ طموحاتنا وتطلعاتنا وآمالنا..وما علمَ أنه بإصراره على ذلک إنما یحاصر نفسه، ویحاصر الیمین الذی یبغی نصرته، ویحاصر لیبرمان الذی یرى فیه سیفهُ المصلت على رقاب الناس!!

ولم نکن لنقول شیئًا من هذا لو لم یکن الأمر متعلقًا بجزء من شعبنا هناک فی الجلیل والمثلث والنقب والسهل الساحلی، ولو لم یکن الأمر متعلقًا بجزء من شعبنا هناک فی قطاع غزة، ولو لم یکن الأمر متعلقًا بنصف شعبنا العربی الفلسطینی الذی یعیش فی الشتات منذ قیام'دولتهم' التی یریدونها یهودیة لحرمان نصف شعبنا ذاک من العودة إلى أرض الوطن، ومن العودة إلى البیت والأرض التی هُجِّرَ منها عام ثمانیة وأربعین!! بل لو لم یکن الأمر متعلقًا بنا هنا فی هذا الجزء من الوطن الذی یسمیه کثیر من الناس'الضفة الغربیة' فأغلب الظن أن نتنیاهو ومعه لیبرمان وکل غُلاة الیمین المتطرف یعتبرون هذه 'الضفة' جزءًا لا یتجزأ من تلک 'الدولة'، وأغلب الظن أنهم عندما یقولون 'إسرائیل' فإنما یقصدون بذلک فلسطین التاریخیة، وأغلب الظن والحالة هذه أنهم عندما یتحدثون عن یهودیَّة'دولتهم'، وعن قانون تعدیل الجنسیة، وعن تهجیر عرب الجلیل والمثلث والنقب، فإنهم إنما یتحدثون أیضًا عن تهجیرنا هنا فی القدس ونابلس والخلیل..فهم لا یریدون أحدًا فی هذه البلاد من غیر الیهود، ولکن على مراحل!!

ن/25

 

 

 

 


| رمز الموضوع: 141466







الصفحات الاجتماعية
instagram telegram twiter RSS
فيديو

وكالةالقدس للأنباء


وكالةالقدس للأنباء

جميع الحقوق محفوظة لوکالة القدس للأنباء(قدسنا)