انطواء إسرائیلی وانکفاء فلسطینی
انطواء إسرائیلی وانکفاء فلسطینی
فایز صلاح أبو شمالة
خطة الانطواء الإسرائیلیة تعنی انتهاء الاحتلال للضفة الغربیة شکلاً، وضم غور الأردن، ومحیط القدس، والمستوطنات، وجبال الضفة الغربیة إلى إسرائیل فعلاً؛ وترى الحکومة الإسرائیلیة أن خطة الانطواء هی الرد العملی على أی تحرک فلسطینی باتجاه الأمم المتحدة، أو حتى باتجاه الصلیب الأحمر.
بمعنى آخر، لا تجمید مؤقت للاستیطان، ولا استئناف مفاوضات من النقطة التی توقفت عندها مع حکومة "أولمرت"، ولا موافقة إسرائیلیة على مبادرة السلام العربیة، ولا موافقة على خارطة الطریق التی تحفظت إسرائیل على ثلاثة عشر بنداً من بنودها، وألف لا ولا إسرائیلیة على کل محاولة فلسطینیة للتوصل إلى اتفاق.
ماذا نفعل للخروج من هذه الورطة؟ لیس هو السؤال المطروح فی هذا المقام! فقد سبق السیف العذل، ولم یعد للقیادة السیاسیة الفلسطینیة حول ولا قوة لفعل شیء، وکل ما تدعیه من إمکانیات عمل، ومن خیارات مفتوحة هو هراء، وهذا الرأی لیس من بنات أفکاری، وإنما هذا ما تدرکه إسرائیل جیداً، وما تکشف عنه تصرفاتها. ولکننی أزعم أن السؤال الذی یدور فی ذهن الفلسطینیین هو: لماذا وصلنا إلى هذا الحالة من التردی؟ ومن هو المسؤول عن هذا الاستخذاء الفلسطینی، وعن تنمیة التعنت والصلف والغرور والتطرف الإسرائیلی؟
قد یخرج على الفلسطینیین وهم فی هذه الحالة من الإحباط الشدید- کما صرح بذلک أبو علاء قریع فی القاهرة- قد یخرج علیهم من یقول: إن الفلسطینیین أحسن شعب فی إضاعة الفرص، فما هو مطروح الیوم من حلول أقل بکثیر مما کان مطروحاً على عباس زمن رئیس الحکومة الإسرائیلیة السابقة "أولمرت". وما کان مطروحاً على الرئیس عرفات فی کامب دیفید، أکثر بکثیر مما طرح على عباس، وما کان مطروحاً قبل ذلک على الثورة الفلسطینیة أثناء زیارة أنور السادات للقدس، کان أفضل بکثیر مما طرح علیهم فیما بعد، وهکذا حتى نصل إلى قرار التقسیم الذی رفضه الفلسطینیون سنة 47. لیواجهوا الیوم الأسوأ؛ خطة الانطواء الإسرائیلی، وهم عدیمو الإرادة.
مثل هذا الکلام یحمل مسؤولیة الفشل للشعب برمته، ویعفی القیادة من دورها فی إهدار طاقة الشعب، وحرف بوصلته، وتسلیم مقادیره فی ید حفنه ممن لا یهمهم إلا مصالحهم، وتمکنوا بالتدریج من قتل الوطن فی النفوس، ومن تیئیس المجتمع، وکانوا الخنجر الإسرائیلی الذی مزق الانتماء، وشق الصف للخطط الإسرائیلیة کی تتحکم فی الساحة الفلسطینیة.
إن الخلاص الفلسطینی من حالة الإحباط والفشل الراهنة لَتتمثل فی المحاسبة بأثر رجعی، ولو استدعى الأمر نبش القبور، ومقاضاة أصحاب القرار فی الساحة الفلسطینیة.
ن/25
الصفحات الاجتماعية
instagram telegram twiter RSS