الاربعاء 16 ذوالقعدة 1446 
qodsna.ir qodsna.ir

عجز نتانیاهو

عجز نتانیاهو

 

خالد خلیل

 

تُجمع القراءات الإسرائیلیة للتطورات السیاسیة فی المنطقة على أن نتنیاهو یقف الیوم على مفترق طرق! إما أن یتخذ قرارًا حاسمًا باتجاه دفع العملیة السلمیة إلى الأمام، وذلک من خلال وقف الاستیطان وتفکیک المستوطنات المعیقة لهذا الدفع، أو استمرار سیاسة الاستیطان وتوسیع المستوطنات وشن عدوان جدید على إیران أو ربما على لبنان.

من الواضح أنّ القرارات الاستراتیجیة فی إسرائیل لا یتم اتخاذها بسبب رغبات شخصیة لهذا القائد أو ذاک أو بسبب التمنیات النخبویة، إنما فی معظم الحالات هی نتاج لتقدیرات الأجهزة الأمنیة التی تعممها من منظار مصلحة الأمن القومی لإسرائیل والتی استندت حتى الآن إلى نظریات ورؤى أمنیّة متأثرة بدورها ومستندة إلى الخارطة السیاسیة الاقلیمیة والعالمیة، وبشکلٍ خاص الى الخارطة السیاسیة داخل الولایات المتحدة الأمریکیة.

وفی العادة لا تقف إسرائیل موقف المتفرج مما یحدث فی الساحة الأمریکیة، وإنما تحاول التأثیر علیها بکافة الوسائل والأدوات المتوفرة بما ینسجم مع مصالحها وأهدافها القریبة والبعیدة. ومن ضمن تلک الوسائل والأدوات اللوبی الیهودی داخل أمریکا ومجموعات ضغط مختلفة داخل وخارج الأحزاب الأمریکیة.

ومن الواضح أیضًا أنّ حکومة نتنیاهو أقرب سیاسیًا واستراتیجیًا إلى الجمهوریین منها إلى الدمقراطیین. ولا شک أن فوز الجمهوریین بأغلبیة مقاعد مجلس النواب مؤخرا تزید من نقاط القوة الإسرائیلیة داخل أمریکا وتسهل علیها إمکانیات الضغط على الإدارة من أجل تبنی مواقفها بشأن السیاسات الإقلیمیة ومن ضمن ذلک ضرب إیران أو التسریع بشن عدوان جدید على لبنان والمقاومة اللبنانیة.

لکن من الجدیر ذکره أن القرارات الاستراتیجیة لا یتم اتخاذها بصورة میکانیکیة، بل تحکمها عوامل وعناصر متنوعة تتصل بحسابات داخلیة عدا عن الحسابات الخارجیة.

ومن الطبیعی أن لا یرتبط قرار الحرب بمعادلة القوة العسکریة فقط، وإنما بمعادلات سیاسیة واقتصادیة وأمنیة على حدٍ سواء، هذا علاوة على الحسابات الانتخابیة والصراعات الحزبیة داخل مکونات الحکومة فی کل مرحلة من المراحل.

وإذا کانت إسرائیل تتصرف الیوم على کل الجبهات على أساس الاستعداد للمواجهة القادمة وکأنها قاب قوسین أو أدنى، إلا أنها ما زالت تواجه قیود کثیرة على مستوى الأمن الداخلی فرضتها نتائج حرب تموز 2006، هذا بالإضافة إلى عدم توافق الأولویات الأمنیة الإسرائیلیة مع الرؤیة الأمریکیة الحالیة، خاصة وأنّ الإدارة الأمریکیة تعمل فی ظل تداعیات الأزمة الاقتصادیة وما أنتجته من مشاکل وأزمات داخلیة تفرض علیها أولویات غیر تلک المرتبطة بمنطقتنا.

من جهة أخرى فإنّ الحکومة الإسرائیلیة الحالیة غیر قادرة على دفع العملیة السیاسیة باتجاه تحقیق الحل الأمریکی للصراع العربی الإسرائیلی، رغم أنه یخدم بالمحصلة النهائیة أهدافها الاستراتیجیة.

هذا العجز الإسرائیلی باتخاذ موقف نابع بالأساس من اعتبارات ائتلافیة داخل الحکومة الإسرائیلیة تتناقض مع هذا الحل فرضها الیمین الإسرائیلی المتطرف.

وإذا کان صحیحًا أنّ نتنیاهو یقف على مفترق طرق وسیضطر إلى الدفع بالعملیة السیاسیة، لا بدّ وأن تشهد الساحة السیاسیة الإسرائیلیة حراکًا بهذا الاتجاه یتوقع المراقبون أن یؤدی إلى حکومة ائتلافیة جدیدة، أو انتخابات برلمانیة جدیدة، قبل موعدها المحدد، وإلا فإنّ الجمود الحالی إذا استمر سیکون له الدور الأساس فی تعمیق أزمة السلطة الفلسطینیة التی تراوح مکانها فی مسألة فتح خیارات جدیدة غیر خیار المفاوضات.

کما یبدو هذا الجمود سیکون السِمة الممیزة لهذه المرحلة خاصة بعد هزیمة الدیمقراطیین فی مجلس النواب وبسبب عجز نتنیاهو عن تجاوز تعقیدات الساحة السیاسیة فی إسرائیل.

ن/25

 


| رمز الموضوع: 141492







الصفحات الاجتماعية
instagram telegram twiter RSS
فيديو

وكالةالقدس للأنباء


وكالةالقدس للأنباء

جميع الحقوق محفوظة لوکالة القدس للأنباء(قدسنا)