الاربعاء 16 ذوالقعدة 1446 
qodsna.ir qodsna.ir

التهوید الآخر

نادراً ما یلتفت الراصدون لظاهرة التهوید التی تمارسها الصهیونیة، إلى ما یجری خارج فلسطین، فإذا کان التهوید فی فلسطین یستهدف الحجر بدءاً من القدس، فإن التهوید الآخر المسکوت عنه یستهدف بشراً من دیانات أخرى غیر الیهودیة . وقد بدأ هذا المشروع فی روسیا، وبالتحدید بعد ما سمی “البیروسترویکا” أو إعادة البناء فی عهد غورباتشوف، فثمة أعداد من المسیحیین الروس تم تهویدهم وبالتالی تهجیرهم إلى فلسطین مقابل أثمان عالیة، قیاساً إلى ما کان علیه الحال فی تلک الفترة داخل روسیا ومجمل الدول الاشتراکیة .
ورغم التعقید والأیقنة المبالغ فیها التی أحاطت بمفهوم الهویة الیهودیة واشتراط یهودیة الأم، فإن السیاسة غلبت المیثولوجیا فی هذا التسابق المحموم، فالصهیونیة لا تکف عن قرع الأجراس وإنذار الیهود بأنهم سوف یصبحون أقلیة فی فلسطین خلال العقود الثلاثة المقبلة، والمرأة الیهودیة لا یتجاوز معدل إنجابها طفلین أو ثلاثة فی أحسن الأحوال، على رغم الإغراءات التی تقدم للنساء فی هذا المجال، مقابل معدل للإنجاب قد یصل إلى سبعة على الأقل بالنسبة إلى المرأة العربیة، وهذا ما دفع صحافیاً فرنسیاً إلى التعلیق على هذه المسألة قائلاً، إن المرأة العربیة فی فلسطین تستجیب نفسیاً وحتى عضویاً للتحدیات التی تحاصرها، فهی مضطرة إلى تعویض من یفقدهم الشعب الفلسطینی یومیاً وفی مختلف المجازر والاجتیاحات التی یقوم بها الجیش الصهیونی .
إن التهوید الآخر المسکوت عنه لأسباب لم تعد مفهومة، یتعلق الآن ببشر فی آسیا وإفریقیا بالتحدید، وثمة تزویر یتم بمهارة لأوراق رسمیة، وهناک أیضاً معسکرات ذات دور تعلیمی أقیمت فی بعض الأماکن، والهدف هو تأهیل من یتم تهویدهم لغة وثقافة خلال ستة أشهر على الأقل .
والتقاریر التی تنشر عن خلافات وأحیاناً اشتباکات بین المهاجرین الروس ما قبل “البیروسترویکا” وما بعدها، تجزم بأن سبب هذه الخلافات هو التهوید مقابل ثمن الذی بدأ یدرکه المهاجرون الیهود من روسیا قبل نهایة القرن الماضی .
إن هذا النمط من التهوید، لا یختلف کثیراً عن إنشاء جیش من المرتزقة والمأجورین .
وهناک عدة ظواهر کانت تستدعی وتتطلب وقفة تأملیة من العرب لافتضاح هذا التهوید، منها کثرة عدد من یفرون من الخدمة العسکریة، وتصاعد نسبة المصابین بأمراض نفسیة، بحیث تجاوز عدد المنتحرین من هؤلاء أعداد من انتحروا خلال السنوات الأربع الماضیة .
إن الاستراتیجیة التی تتلخص فی ما یسمى المعالجات الاستباقیة لانفجار اللغم الدیموغرافی فی فلسطین، تسعى الآن فی برامج التنفیذ والترجمة المیدانیة إلى تهجیر أکبر عدد من الفلسطینیین، مقابل استقطاب عددٍ کبیر من الیهود ومن یجری تهویدهم بالإیجار .
إنهما هجرتان متعاکستان، ما یجعل الکارثة مزدوجة، فبقدر ما یرحل أو یهجر قسراً فلسطینیون، یتم تهجیر یهود ومهوّدین بأعداد مضاعفة .
نعرف بالطبع حجم المخاطر المستقبلیة على تهوید فلسطین، لکن هذا التهوید الآخر لبشر لیسوا یهوداً بالثقافة والذاکرة والعقیدة والهویة، هو شُروع فی حرب دیموغرافیة، لکن ما لا یدرکه تجار التهوید، هو أن من یغیر هویته وعقیدته مقابل ثمن لا یصلح للخنادق، بل للإقامة المؤقتة فی الفنادق .
خیری منصور
شا / 24


| رمز الموضوع: 141494







الصفحات الاجتماعية
instagram telegram twiter RSS
فيديو

وكالةالقدس للأنباء


وكالةالقدس للأنباء

جميع الحقوق محفوظة لوکالة القدس للأنباء(قدسنا)