ماذا لو کشف الموساد عن ولوغه فی دم الحریری؟
ماذا لو کشف الموساد عن ولوغه فی دم الحریری؟
وداد البرغوثی
أتخیل بل أکاد أجزم أنه ستأتی لحظة یکشف فیها أحد ما من الموساد الإسرائیلی عن ضلوعه وضلوع جهازه فی اغتیال الشهید رفیق الحریری. وربما یکشفون عن اغتیال الشهید یاسر عرفات وجبران توینی وسمیر القصیر وغیرهم.
فالقارئ المتعمق للمؤلفات الکثیرة حول الموساد الإسرائیلی یرى رؤیة العین إلى أی مدى یلعب هذا الجهاز الدموی بعقول البشر، خاصة بعقولنا نحن العرب، تماما کما یلعب بدمائهم. ویعلم کم لهذا الجهاز من الخدم المأجورین والمرتزقة وخدم آخرین من العقائدیین وغیرهم من الأغبیاء و اللاعبین بالنار. وهؤلاء یسهمون فی عملیات الاغتیال، سواء فی التخطیط أو التنفیذ أو فی تورید المعلومات التی تسهم فی ذلک، أو الدور اللوجستی الذی یسهل المهمة، أو بث المعلومات التی من شأنها أن تثیر الفتنة بین شیعی وسنی، بین مسلم ومسیحی، بین حمساوی وفتحاوی. ویصبون حمم قذاراتهم فی کل مکان، لیس فی لبنان وفلسطین والعراق فحسب، بل وفی أفغانستان والسودان وفی کل مکان من العالم.
بعض هذه الحقائق تکشفها التحقیقات، وبعضها یکشفها قادة وعملاء الموساد أنفسهم بعد التقاعد، إذ یکتب بعضهم مذکراته کما فعل أوستروفسکی ویعقوب بیری وغیرهما. ونوایا یکشفها آخرون کما یفعل فیلتمان الیوم.
ویأتی هذا الإعلان إما من قبیل التأریخ، أو من قبیل کتابة السیرة الذاتیة واستعراض بطولاتهم، وفی الوقت نفسه محاولة استعراض غبائنا، أو من قبیل الاختلاف مع جهاز الموساد وکشف حقائق، کما فعل فعنونو أو من قبیل التهدید کما یفعل الآن فیلتمان، أو من قبل المحققین فی قضایا عدة، کما حدث فی اغتیال أحمد بوشیکی على أنه أبو حسن سلامة، أو محمود المبحوح أو.. أو..
ولسنا هنا بصدد استعراض عدد العملاء ولا آلیات الکشف ولا الاعترافات أو المذکرات. ومع ذلک یتجاهل کثیرون هذه الحقائق کما هو حال فریق 14 آذار فی لبنان، لیحملوا المقاومة وزر اغتیال الشهید رفیق الحریری.
وکون وطننا العربی وعربنا یتغلغل بین ظهرانیهم عملاء من الأنواع الثلاثة سالفة الذکر فقد طال أمد القضیة وطال أمد اللعب فیها وکثر اللاعبون بنارها والهادفون لإشعال فتنة لها أول ولیس لها آخر. وما أخّر اشتعال هذه الفتنة هو الدور الوطنی المخلص والحکیم الذی تلعبه المعارضة، وفی طلیعتها حزب الله لیس إلا. المحصلة المختصرة لهذا الحدیث أن اغتیال الشهید الحریری کشف أکثر من أی وقت مضى عن وجود هذه الأنواع فی کل الدول العربیة وفی لبنان وفی کل العالم، لما أثارته هذه العملیة من زوابع کثیرة ومقصودة، غلفت أبصار الکثیرین بغلالة من الغبار لتضل عن رؤیة الحقیقة.
ویمکننا ان نتخیل أن الجهاز الجهنمی الإسرائیلی صاحب الید الطولى فی الاغتیالات، یکاد 'ینقلب على قفاه' من شدة الضحک على غبائنا، حین یرى من یغضون البصر عن ضلوعه فی الاغتیال ویوجهون أصابع الاتهام نحو المقاومة بدعوى التشبث بـ'نزاهة' المحکمة الدولیة.
لم یهتم المجتمع الدولی باغتیال یاسر عرفات ولا غیره من مئات الفلسطینیین واللبنانیین، ولم یهتم باغتیال بشیر الجمیل ولا باغتیال اسحاق رابین ولا حتى باغتیال کنیدی نفسه هذا 'الاهتمام' الذی أولاه لاغتیال الحریری. لماذا وأین ومتى؟ کلها أسئلة تحتاج لإجابة متعقلة. والجواب ببساطة هو لاستهداف المقاومة وفی لبنان والشرق الأوسط وفی زمن هزیمة إسرائیل.
یبقى السؤال، ما هو موقف تیار المستقبل وجعجع وأنصارهما فی الرابع عشر من آذار لو استعجل أحد ما من الموساد بالکشف ولم ینتظر مرور السنوات التی تکفی لکتابة المذکرات والاعترافات. وماذا لو کشف التحقیق عن ذلک بعد 'خراب مالطا'.
لو قرأوا تاریخ ودور الموساد جیدا لترفعوا عن اتهام المقاومة، إن لم یکن حفاظا على وطنهم من الانقسام والدمار، فعلى الأقل حـــفظا لماء وجوههم. فحقیقة الکشف للأسباب سالفة الذکر قادمة لا محالة، لکن لا أحد یعلم متى، بعد 10 سنوات أم بعد عشرین، أقل أم أکثر الأمر متروک للزمن.
ن/25
الصفحات الاجتماعية
instagram telegram twiter RSS