الجمعه 11 ذوالقعدة 1446 
qodsna.ir qodsna.ir

المحرقة الفلسطینیة فی الفکر الغربی

من المعلوم لدى الجمیع أن السیاسة والاقتصاد والعسکریة فی أی دولة هی انعکاس لثقافة وفکر المجتمع فی تلک الدولة , وبمعنى أوضح فإن سیاسات الغرب ونظرته تجاه أمتنا على مرِّ العصور قد انطلقت من المضامین الفکریة و الرکائز الثقافیة التی قامت علیها الحضارة الغربیة , وأنَّ حرکة التاریخ تتولد نتیجة التفاعل والانسجام القائم بین التصور النظری الفکری الذی یصنعه المفکرون والفلاسفة و الواقع العملی الذی یصنعه الساسة والزعماء والقادة .   

ولطالما تعرَّضت الأمة العربیة و الإسلامیة عبر العصور المختلفة لهجمات وحروب تمیَّزت بالوحشیة والهمجیة من قِبَل الغرب , وقد سجَّل التاریخ وقائع مرعبة أوجدها البیزنطیون ومن بعدهم الصلیبیون حیث یصف المؤرخون جداول الدم التی جرت فی شوارع القدس نتیجة ذبح أهلها المسلمین , وتواصلت المجازر فی القرن العشرین على ید جیوش الفرنجة الجدد بریطانیا وفرنسا و إیطالیا دون رحمة فی الجزائر بلد الملیون شهید و لیبیا وبلاد الشام والعراق , لم یکتفِ الغرب بما فعل بل إنه تخلَّص من مشکلة الیهود فی أوروبا وقذف بهم إلى أرضنا و ضرب عصفورین بحجر واحد فأراحت أوروبا نفسها منهم وفی ذات الوقت شغلت أمتنا ومزقتها بإیجادها وسطهم , و لا شک فی أن القادة الغربیین الذین صنعوا کل هذه الوقائع الإجرامیة وما زالوا یرتکبون الفظائع بحق الإنسانیة ینطلقون فی سلوکهم هذا من خلال ذهنیة نمطیة قائمة على مجموعة من الرکائز التالیة :

أولاً: التحالف المتین بین الغرب و التلمودیة القدیمة وهذا التحالف قدیم منذ أقام هیرودوس الیهودی مملکته فی القدس مستمداً العون والمساندة من الإمبراطوریة الرومیة, وحتى بعد قیام الثورة الصناعیة فإن هذا التحالف یحمل فی طیاته فکراً تبریریاً لکل ما تقوم به الصهیونیة من جرائم ضد الفلسطینیین العزل ناهیک عن مساندة الغرب للمشروع العنصری الصهیونی فی الاستیلاء على أرض فلسطین وإقامة دولة طفیلیة أصبحت منذ نشأتها ذراعا ًللغرب وکان هذا الدعم أولاً وقبل کل شیء دفاعاً عن المصالح الاستعماریة والنفطیة فی الوطن العربی .

 ثانیاً : العداء المطلق للإسلام واعتباره أساساً لکل شر وأن الإسلام ما هو إلاّ عقاب من الله للمسیحیین نتیجة کثرة ذنوبهم وإفسادهم للمسیحیة , یقول جورج بوش الجد (1796-1859 )فی کتابه( محمد مؤسس الدین الإسلامی ومؤسس الإمبراطوریة الإسلامیة) حسب تعبیره : "فقد الله صبره، فقد طالت معاناته - والعیاذ بالله – فبعث العرب والمسلمین لیکونوا أداة سخطه لیعاقب لمسیحیین المذنبین، ومن هنا کانت الفترة التی ساد فیها الإسلام کانت الفترة المشئومة فی تاریخ المسیحیة‍"!‍!ولعل هذا یفسِّر الصمت الأوروبی على المجازر الإسرائیلیة ضد الفلسطینیین , حیث یعتبر الفکر السیاسی الغربی هؤلاء الأطفال والنساء ضمن معسکر الأعداء الاستراتیجیین     ثالثاً : التفوق العرقی للإنسان الغربی على کل الأجناس البشریة الأخرى , یقول دیفید هیوم الفیلسوف البریطانی الشهیر بالحرف الواحد: لیس هنالک أی أمة متمدنة من أی لون غیر الأمة البیضاء، ولیس هنالک أی شخص مرموق فی مجال العمل أو التفکیر (غیر الرجل الأبیض) لیس هنالک مخترعین عباقرة بینهم ولیس هنالک فن أو علوم , وعلیه فإن الطائرات الإسرائیلیة التی تقتل الأطفال الفلسطینیین لا تختلف کثیراً عن طائرات رش المبیدات الحشریة من حیث الغایة والنتیجة .

وتتجلى التناقضات وکل أنواع النفاق السیاسی الغربی فی موافقة الجمعیة العامة للأمم المتحدة فی مطلع شهر تشرین الثانی 2005 بأغلبیة کبیرة على اعتبار یوم السابع والعشرین من شهر کانون الثانی من کل عام یوماً للمحرقة النازیة ضد المناضلین (الیهود) للاحتلال النازی , و للرد على هذه المهزلة یمکننا أن نؤکد بأن المحرقة لم تکن عملاً موجهاً ضد الیهود وحدهم بل ضد الإنسانیة کلها, وأن تقمّص الیهود لدور الضحیة وحدهم دون الشعوب الأخرى لیس إلاّ مخطط صهیونی خبیث یهدف لإبقاء عقدة الذنب والخطیئة مثل( مسمار جحا مغروساً فی عنق الأوروبیین ) تتجدد سنویاً یتم من خلالها ابتزاز ملیارات الدولارات وأطنان الأسلحة من الحکومات الأوروبیة والتی بدورها تبرر لشعوبها  منح تلک الهبات لإسرائیل من الموازنات السنویة بالتکفیر عن جرائم النازیة .

  وفی هذا الصدد لا بد لنا أن نؤکد على ثلاث حقائق :

 أولها : أن الذی اضطهد الیهود هم الأوروبیون منذ محاکم التفتیش فی اسبانیا وحتى الحرب العالمیة الثانیة , و لا علاقة للفلسطینیین بأی محرقة أو جریمة ضد الیهود لا من قریب ولا بعید , ولیس من ذنب الفلسطینیین أن یدفعوا ثمن جریمة ارتکبتها أوروبا بحق الیهود , بأن یتم تشریدهم وقتلهم و احتلال أرضهم .

 ثانیها : أن إسرائیل تقوم بمحرقة للفلسطینیین وإبادة جماعیة لهم بمساعدة الاستعمار البریطانی  والفرنسی بدایةً و بعد ذلک انضمت إلیهما ألمانیا و الولایات المتحدة الأمریکیة ومن حق الفلسطینیین رفع الشکاوى فی المحافل الدولیة والمحاکم وتحمیل کامل المسؤولیة عن المحرقة الفلسطینیة لتلک الدول وقادتها , وکذلک تسجیل دعاوى قضائیة فی محکمة العدل الدولیة ومنظمة العفو الدولیة ضد الحکام العرب وعلى رأسهم حاکم مصر و شریکه محمود عباس بتهمة تجویع ومنع الدواء عن الشعب الفلسطینی مما أدى إلى وفاة مئات الأشخاص .

 ثالثاً : إن صمت الأمم المتحدة وأمینها العام  الذی حمَّل الفلسطینیین مسؤولیة ذبح أنفسهم یدل على أن المنظمة الدولیة مُخترقة من الداخل خاصةً عندما نعلم بأن الحکومات العربیة تلوذ بالصمت بانتظار أن ینکمش الشعب الفلسطینی عددیاً من ثمانیة ملایین إلى ثمان مئة ألف کی تشعر بوجود محرقة .

لقد أضحى معلوماً لدى الجمیع أن الشعب الفلسطینی لا یهمّه أن تتآمر علیه کل قوى الشّر والطغیان غربیة کانت أم عربیة وأن إصراره على استعادة حقه فی وطنه من حیفا إلى النقب یتنامى کل یوم و إذا کانت الأنظمة العربیة تخشى المواجهة ضد إسرائیل فإن الشعب الفلسطینی قد ألغى کلمة خوف من قاموسه الجهادی .

( المقال للکاتب الفلسطینی احمد الفلو )

ن/25


| رمز الموضوع: 142658







الصفحات الاجتماعية
instagram telegram twiter RSS
  1. صنعاء تستهدف "بن غوريون" بصاروخ باليستي فرط صوتي.. وتُهاجم هدفاً في يافا المحتلة
  2. كتائب القسام توقع قوة إسرائيلية في حقل ألغام.. وجنود الاحتلال بين قتيل وجريح
  3. المشّاط للإسرائيليين: لا تراجع عن إسناد غزّة.. الزموا الملاجئ ردّنا سيكون مزلزلاً
  4. الإدارة الأميركية ترضخ.. القوات اليمنية تستفرد بالعدو الصهيوني
  5. انصار الله: إعلان ترامب فشل لنتنياهو
  6. سرايا القدس تسيطر على مُسيرة إسرائيلية شرق مدينة غزة
  7. العدوان الإسرائيلي على مطار صنعاء الدولي.. هجوم استعراضي موجه للداخل الصهيوني
  8. عدوان أمريكي إسرائيلي غاشم على اليمن بعشرات الطائرات
  9. وزير الخارجية الإيراني: الدعم القاتل لإبادة نتنياهو الجماعية في غزة، وشن الحرب نيابةً عنه في اليمن، لم يُحققا شيئاً للشعب الأميركي
  10. طهران ترفع الستار عن وثائقي للمقاومة في فلسطين وايرلندا
  11. حكومة الاحتلال تقرّر توسيع الحرب على غزة رغم التحذيرات
  12. وزير العلوم الإيراني: الرأي العام العالمي لا يعترف بالكيان الصهيوني
فيديو

وكالةالقدس للأنباء


وكالةالقدس للأنباء

جميع الحقوق محفوظة لوکالة القدس للأنباء(قدسنا)