الجمعه 11 ذوالقعدة 1446 
qodsna.ir qodsna.ir

«مکر» حزب الله

بعد تقریر فینوغراد الذی شکّل صفعة قویّة لأداء الجیش الإسرائیلی وقیادته السیاسیّة خلال عدوان تمّوز، ها هی البحریّة الأمیرکیّة تصدر تقریرها الذی حمل تقویماً معبّراً عن المرحلة التی وصل إلیها حزب الله على مختلف الصعد فی مواجهته مع إسرائیل: فی التکتیک العسکری والتقنیّة والإعلام الحربیّین والتجسّس والاتصالات والمعلوماتیّة «انقشعت حرب تمّوز عن حقیقة شفّافة: لقد کان حزب الله جاهزاً، لکن إسرائیل لم تکن. وکما تقتضی خطة حزب الله التضلیلیّة، امتدّت الحرب من جنوب لبنان إلى أجهزة التلفزیون والکومبیوتر على امتداد العالم». بهذه العبارة یستهلّ الجیش الأمیرکی دراسة صادرة عن کلیة سلاح البحریة تحت عنوان «مکر حزب الله: الخداع فی حرب تموز 2006».

اللافت فی الدراسة، تطرُّقها إلى الواقع السیاسی والمیدانی قبل الحرب، بالإشارة إلى أنه قبیل الحرب، وفی عام 2006 صرّح قائد کبیر فی جیش الدفاع الإسرائیلی لقائد الیونیفیل بأنه إذا حاول حزب الله القیام بعملیة خطف أخرى «فإننا سنحرق لبنان». وتکشف الدراسة أن «هذه المعلومة مُرِّرَت إلى الحکومة اللبنانیة، ولکن لا یمکن التأکد من أنها وصلت إلى حزب الله».

غیر أن هذا الواقع لم یبدّل کثیراً فی نتیجة المعرکة، إذ إنه «منذ اللحظات الأولى من النزاع، وحتى اختتام العملیات، نجح قادة حزب الله فی اختراق حلقة القرار التکتیکی والاستراتیجی الإسرائیلی، عبر سلسلة من الاستخبارات، العملیات العسکریة والسیاسیة، وقد أفضى هذا الاختراق إلى تسجیل حزب الله لنصر کامل وحاسم فی حربه مع إسرائیل. لقد شکّل استعمال حزب الله للخداع فی سبیل دعم استراتیجیته العامة عاملاً مفتاحیاً للنجاح. استعمل حزب الله الخداع أثناء النزاع کلّما استطاع، ما أدّى بلا ریب إلى نجاحات متعدّدة».

وتعاین الدراسة فی أربعة محاور ما سمّتها «وقائع تضلیلیة استخدمها حزب الله» لکسب المعرکة.

مسار الحرب وأهدافها

یقاتل حزب الله إسرائیل عبر حرب عصابات منذ تأسیسه أواخر الثمانینیات. فی عام 1985، تصف مجلة «جاینز» الاستخباریة البریطانیة الوضع بین حزب الله والجیش الإسرائیلی فی تقریر یرجع لعام 2006: «شنت المقاومة الإسلامیة هجمات على جیش الدفاع الإسرائیلی على طول الخط الأزرق على مدى ست سنوات فی حملة متوازنة بامتیاز عبر هجمات دوریة موضعیة خاطفة؛ عبوات على الطرقات، وقصف مدفعی».

کان الهدف من هذه الأعمال، مواصلة الضغط على الجیش الإسرائیلی من دون جر إسرائیل إلى ردة فعل کبیرة، وفی جهد لاستعادة أسراه، بدأ حزب الله باعتماد استراتیجیة جدیدة: أسر جنود إسرائیلیین.

قام حزب الله بخمس محاولات قبل عملیة الخطف فی تموز 2006 لخطف جنود من جیش الدفاع الإسرائیلی. کانت إسرائیل قد نالت کفایتها من حزب الله، لذا وفی تاریخ سابق للحرب من العام نفسه، صرّح قائد کبیر فی جیش الدفاع الإسرائیلی لقائد «الیونیفیل» بأنه إذا حاول حزب الله القیام بعملیة خطف أخرى «فإنّنا سنحرق لبنان». فی الوقت الذی مرّرت هذه المعلومة إلى الحکومة اللبنانیة، لا یمکن التأکد مما إذا کانت قد مررت إلى قیادة حزب الله. وعلیه فإن الوضع کان فی غایة التوتر مع بدایة صیف عام 2006.

کذلک فی الأیام السابقة لحادثة الـ12 من تموز، أکدت قیادة حزب الله، الواعیة لضرورة نجاح موسم السیاحة بالنسبة إلى اقتصاد لبنان، لرئیس الوزراء اللبنانی فؤاد السنیورة على أنه لن تتخذ أیة إجراءات ضد إسرائیل. لکن فی الوقت ذاته، لم تتبدل التعلیمات الصادرة إلى وحدات المقاومة الإسلامیة على طول الخط الازرق: «حدّدوا نقاط ضعف العسکر الإسرائیلی وقوموا بأسر جنود إسرائیلیین لدى أول فرصة». تحت هذه التوترات وقف الفریقان وجهاً لوجه فی اشتباک صباح الثانی عشر من تموز 2006.

مع تخطّی الساعة التاسعة من الصباح حسب التوقیت المحلی، تعرضت دوریة تابعة لجیش الدفاع الإسرائیلی مؤلفة من آلیّتین من نوع «هامفی» لنیران المقاومة الإسلامیة المنتشرة على طول الخطّ الأزرق. خلال دقائق، کانت الدوریة المستهدَفة البعیدة عن نطاق الاتصال مع مراکز القیادة العلیا، والواقعة فی نقطة عمیاء بعیدة عن تغطیة القوة الناریة للجیش الإسرائیلی، قد وقع من عدیدها قتیلان، ثلاثة جرحى، وإلداد ریغیف وإیهود غولدفاسر فی قبضة حزب الله. فی الساعات اللاحقة، انخرط کل من حزب الله وجیش الدفاع الإسرائیلی فی سلسلة من المناوشات على طول الحدود أدت إلى جرح وقتل العدید من الجنود الاسرائیلیین.

فی بیروت، حاول قادة حزب الله التقلیل من مخاوف الرسمیین اللبنانیین حول الثأر الإسرائیلی، وصولاً إلى الحدیث مع رئیس الوزراء ووزیر الداخلیة. هذه المرة، وعلى عکس المحاولات السابقة، کانت ردة الفعل الإسرائیلیة عاجلة. فی غضون ساعات هاجمت المقاتلات الإسرائیلیة مواقع حزب الله على طول الخط الأزرق، ودمرت عدة جسور على نهر اللیطانی، بهدف عزل المنطقة الجنوبیة الغربیة من البلاد. وکرد فعل، شرع حزب الله فی إطلاق صواریخ الکاتیوشا على شمال إسرائیل، وهکذا بدأ فصل جدید من الحرب بین إسرائیل وحزب الله.

فی الوقت الذی بدأت فیه الرصاصات والصواریخ تتطایر عبر الحدود، حدّد طرفا الصراع أهدافهما الاستراتیجیة. ثمّ تکشفت لدى مجلس الوزراء الإسرائیلی برئاسة رئیس الوزراء إیهود أولمرت خمسة أهداف مفتاحیة للحرب:

ـــــ تدمیر «القیادة الإیرانیة الغربیة» قبل إمکان الوصول إلى إیران نوویة.

ـــــ ترمیم صدقیة الردع الإسرائیلی بعد الانسحاب الأحادی من لبنان فی عام 2000، وغزة فی عام 2005، ومواجهة الصورة التی تقول إنّ إسرائیل کانت ضعیفة ومجبَرة على الرحیل.

 

ـــــ إجبار لبنان على التصرف والتحول إلى دولة مسؤولة، وإنهاء وضع حزب الله کدولة داخل الدولة.

ـــــ تعطیل أو إعطاب حزب الله، مع تفهم عدم إمکان تدمیره کقوة عسکریة واستمرار کونه عاملاً سیاسیاً أساسیاً فی لبنان.

ـــــ إرجاع الجندیَّین الإسرائیلیَّین الأسیرین على قید الحیاة من دون الحاجة إلى اللجوء إلى تبادل کبیر للأسرى.

فی الضفّة الأخرى، کان لحزب الله أهدافه الخاصة. تمثّل الهدف الأساسی فی إذلال إسرائیل عبر صمود صارم کما عبّر الأمین العام لحزب الله (السید) حسن نصر الله.

فی الوقت الذی لا یمکن فیه معرفة أهداف حزب الله الأخرى بسبب الکتمان الشدید الذی یعتمده، فمن المحتمل أن نجد هدفاً آخر فی مقطعٍ لرون شلیفرز ضمن مقال بعنوان «العملیات النفسیة؛ تحوّل جدید فی فنّ قدیم: حزب الله مواجهاً إسرائیل».

یصف شلیفرز فی هذا المقال الحرب النفسیة المطبقة من حزب الله ضمن حملته لدفع إسرائیل خارج الجنوب اللبنانی، وصولاً إلى انسحاب عام 2000. ویجتهد شلیفرز بقوله إنّ حزب الله «أطلق حرب عصاباتٍ نفسیة»، ما یعنی أن المنظّمة لم تهاجم جنود الجیش الإسرائیلی للاستحواذ على الأرض، بل کهدف بحد ذاته.

فعبر إبراز قتله لجنود جیش الدفاع الإسرائیلی، کان لدى حزب الله هدف متمثل فی إضعاف المعنویات الإسرائیلیة والرأی العام الإسرائیلی إلى موقعٍ یجبرهم على الانسحاب بالطریقة نفسها التی حصلت فی عام 2000، وإلى هذا الحدّ کانت خطة حزب الله فی المعرکة هی استعماله للعملیات الاستخباریة، وصولاً لاستنزاف إسرائیل.

بعد مضی الساعات الـ 72 الأولى، أظهرت الحملة الجویة الإسرائیلیة نتائج متواضعة فی إضعاف قدرات حزب الله، وأصبحت «تدریجیاً فرص إحراز إسرائیل لنصر حاسم غیر محتملة».

بحلول 17 تموز، عادت إسرائیل إلى الخیار البرّی لقتال حزب الله فی جنوب لبنان. لکن القوات البریة لم تحرز تقدّماً أکثر من الخیار الجوی، حینما وجدت القوات الاسرائیلیة أن قوات العصابات التی تواجههم خارقة للعادة. «لم نعرف ما الذی ضربنا»، هذا ما قاله أحد الجنود الإسرائیلیین إثر معرکة مع الحزب.

بسبب هذا التقدّم البطیء، کان لا بد من توسیع الحرب البریة لحصر مشاکل الهجوم الإسرائیلی الذی طُحن مجبراً على التوقّف.

خلال 34 یوماً من القتال، أرسلت إسرائیل ما یقارب 30 ألف جندی للقتال فی جنوب لبنان، بینما تشیر التقاریر إلى أن عدید حزب الله هو أقل بشکل معتبر؛ ربما أقل من 3000، أو ما یوازی لواء من المیلیشیا.

هذا وقد أدى الخداع دوراً مفتاحیاً على المستوى التکتیکی والعملیاتی فی صقل مخرجات المعرکة.

تعتیم حزب الله

قبیل نشوب الحرب، کان حزب الله قد بدأ حملته للسیطرة على فضاء الاستخبارات مع إسرائیل. أنتجت مقدرة حزب الله على الحفاظ على أمن عملیاته، وحرمان إسرائیل المعلومات الحاسمة التی تسمح لها بتعدیل خططها الحربیة أثناء العملیات، ارتدادات بارزة. أملى حزب الله قواعد اللعبة واستطاع استعمال الخداع عبر سیطرته على البیئة الاستخباریة. یکمن مفتاح تطبیق التعتیم فی الوصول إلى مجسات الخصم.

هناک مثالان مختلفان مدهشان على کیفیة استهداف حزب الله للمجسات الإسرائیلیة واستغلال هذه المجسات فی دعم جهوده الحربیة. یأتی الأول فی سیاق تقلیدی أکبر، والمقصود هو استعمال الجواسیس. الثانی، وهو مثال أشمل، یتعامل مع إمکان الولوج إلى المعلومات ضمن مجتمع مغلق فی مقابل آخر مفتوح. إن أسلوبی التعتیم هذین أسهما بشکل واضح فی المجهود الحربی، کما فی خطط الخداع التی استعملت.

یُعد استعمال الجواسیس من أقدم وسائل جمع المعلومات فی الحروب، وقد استخدمها حزب الله على أفضل وجه.

الأمر اللافت فی استعمال حزب الله للجواسیس هو قیامه باعتقالات بارزة فی السنوات العشر السابقة ضمن إطار مکافحة التجسس الإسرائیلی. وقد آتى هذا المجهود أُکُله فی صیف 2006. شخّص حزب الله مصادر استخباریة بشریة هامّة لإسرائیل فی لبنان. فی الشهر الذی سبق عملیة الأسر، قامت الحکومة اللبنانیة ـــ بمساعدة حزب الله ـــ بکسر حلقة جواسیس إسرائیلیة فی الداخل اللبنانی (إشارة إلى شبکة محمود رافع).

کذلک سلّم حزب الله عدداً من المصادر المدنیة اللبنانیة التی کانت ترفد ضباط الاستخبارات الإسرائیلیة بمواقع مخابئ حزب الله العسکریة فی جنوب لبنان. وکما تبین، فقد کان لهذه الأعمال عواقب وخیمة بالنسبة إلى الإسرائیلیین، ولکنها کانت أساسیة جداً فی إنجاح خطط حزب الله التضلیلیة.

فی النتیجة، استطاع حزب الله عملیّاً إبطال القدرات الاستخباریة البشریة الإسرائیلیة التی اکتسبت تقدیراً على خلفیة «تفوقها الاستخباری» فی الصراعات السابقة مع العرب.

العنصر المفتاحی الآخر فی حملة حزب الله التعتیمیة هو الأمن الداخلی للمنظمة.

لقد نُظر إلى حزب الله غالباً على أنه «دولة داخل الدولة»، وقد برهن خلال هذه الحملة عن مستوى الأمن العالی الذی تمتع به أفراده. کان هناک طریقان استطاع حزب الله من خلالهما السیطرة على آثاره الاستخباریة. یمرّ الطریق الأول عبر جنوده ومیلیشیاته الموجودة على الأرض، حیث حضّر حزب الله بشکل سرّی جدّاً لهذه الحرب، وقد وردت تقاریر تفید بأنه «لم یکن هناک قائد واحد على علم بکامل مواقع الاستحکامات والمخابئ» التی یفترض أنه سیقاتل منها. وفی مثال على ذلک، أشار الأمین العام حسن نصر الله ـــ بعد إخفائه إثر عدة محاولات لاغتیاله ـــ إلى أنّه «حتى أنا لم أعرف أین کنت»، فی إشارة إلى مدى جودة جهاز أمن حزب الله.

إلى جانب الأمن الشخصی والتعتیم الذی طبّقه حزب الله، فقد سیطر بشکل مبرم على منابع المعلومات المفتوحة المتدفّقة إلى خارج لبنان، ما سمح له بإیصال قصته بشکل أفضل من إسرائیل، بسبب وجود قصة واحدة فقط لتسرد، وقام عدد قلیل من القادة ذوی المستوى العالی فی حزب الله بسردها (منعاً للتناقض).

لم یفصح حزب الله أبداً عن عدد الخسائر التی تلقّاها خلال القتال، وهذا إشارة إضافیة إلى المستوى الأمنی العالی الذی یحافظ علیه. وعلیه، فإنّ امتلاک مجتمع مغلَق مع سیطرة صارمة على الصورة الإعلامیة، حسّن قدرة حزب الله على التحکّم فی المعلومات المبثوثة إلى باقی العالم. لقد أسهم مجتمع حزب الله المغلق بشکل کبیر فی قدرات التعتیم على نطاق عام، بحیث أنتج بصمة معلوماتیة محدودة أسهمت بطریقة عظیمة فی منع حصول إسرائیل على المعلومات من خلال المصادر المفتوحة.

الاستحکامات «المزیّفة»

باشر حزب الله جهود بناء مدروسة لإظهار استحکاماته على طول الخط الأزرق، وفی نیته خداع مصادر جمع المعلومات، مثل الطائرات الإسرائیلیة المسیّرة، ومراقبی «الیونیفیل»، وعملاء إسرائیل.

فی الوقت ذاته، کان یبنی استحکاماته الحقیقیة فی أماکن سریة خارج نطاق رؤیة مصادر جمع المعلومات. لقد کانت خطته مثالاً کلاسیکیاً عن الخداع العسکری؛ لقد جرّ حزب الله عن قصد المراقبین للاعتقاد أنه یجب ضرب الاستحکامات الظاهرة للعیان حال اندلاع الحرب. فی الوقت نفسه، استمرت عملیات بناء الاستحکامات الحقیقیة فی مناطق «بقیت مخفیة حتى عن السکان اللبنانیین».

ما یقارب 600 مستودع منفصل للسلاح والذخیرة وُضعت بشکل استراتیجی جنوبی اللیطانی. وقد أجاب عدد من أهم قادة جیش الدفاع الإسرائیلی لدى سؤالهم عن الموضوع بـ«أنها منطقة مرتفعات معقَّدة ولیست سهلة الدخول، لا یمکنک تشخیص استحکاماتهم إلا لدى وصولک إلیها».

لقد تکشّفت الخنادق والاستحکامات التی بُنیَت تحت مرأى الإسرائیلیین ومراقبی «الیونیفیل» إضافة إلى الأهداف التی غذّتها بشکل عکسی عملیات مکافحة التجسّس التی قام بها حزب الله، عن مواضع لم تکن، فی الواقع، موجودة.

کما وصف أحد المراقبین السابقین فی «الیونیفیل» الوضع آنذاک بقوله «تمّ دفعنا لرؤیة هذه الأمور. لم یبذلوا أی جهد لمنعنا. لقد احتالوا علینا حقّاً فی هذا الأمر». وفی مقارنة حول الاستحکامات المزیفة، یقول ضابط آخر من «الیونیفیل»: «لم نرهم یبنون أی شیء، لا بد أنهم أحضروا الإسمنت بالملاعق».

عزّز حزب الله خدعة الاستحکامات عبر حفاظه على سریة صارمة على طول الأعوام، وصولاً إلى المعرکة. لذا عندما تجاوزت إسرائیل الحدود إلى جنوب لبنان، تبیّن أنّ غالبیة الاستخبارات التی اعتمدت علیها فی التخطیط کانت خاطئة، وقد دفعت القوات البریة الإسرائیلیة ثمن هذا الفشل الاستخباری.

إنّ تقویم هذه الحالة من الخداع التکتیکی یوضح کم کانت ناجحة بحقّ. علاوة على ذلک، فإن هذه الاستحکامات المزیفة هی أمثلة رئیسیة لـ«المظاهر»، وعبرها حاولوا «جعل العدو یبصر ما لیس موجوداً». عند النظر إلى نوع الخداع المستعمل، فإن الاستحکامات المزیفة تندرج تحت خانة أنواع التضلیل، لأن هذه المظاهر تسلب الانتباه وتحرفه عن المجهود الرئیسی أی «بناء حزب الله ودفاعاته حول منظومة الاستحکامات الحقیقیة». تصلح هذه الحالة مثالاً یجدر تدریسه حول الخداع التکتیکی فی الأعمال الحربیة.

الحرب الإلکترونیّة

أسهم التضلیل الذی طبّقه حزب الله ضمن الحرب الإلکترونیة فی خطته الإجمالیة. منذ الالتحام الأول، بدا أنّ حزب الله یستعمل سلاحاً جدیداً لم یبرز فی أی من الصراعات السابقة بینه وبین إسرائیل: الحرب الإلکترونیة. وردت تقاریر تقول إنّ حزب الله کان قادراً على اعتراض التردّدات الموجیّة الإسرائیلیة الآمنة والاستماع إلیها بحیث تمکّن من رصد معلومات عن تحرّکات الجنود، تقاریر الإصابات، وطرق الإمداد.

البحریة الأمیرکیة تدرس «تکتیکاته المخادعة»

إنّ التعقید المزعوم لهذه الهجمات الإلکترونیة، سلّط الضوء على أنّ «قدرات المجموعة الشیعیة العسکریة کانت أعلى» بکثیر ممّا کان یعتقده الکثیرون فی إسرائیل والولایات المتحدة.

فی الوقت الذی لم تعلّق فیه إسرائیل علناً على الطریقة التی ستواجه بها هذا التهدید، فإن هجمات حزب الله الإلکترونیة استفزّت أحد الجنرالات الإسرائیلیین السابقین للإشارة إلى أن قدرات تنصّت حزب الله کان لها «تداعیات کارثیة» على الهجمات الإسرائیلیة فی جنوب لبنان.

لقد ثبت أنّ أخبار هجمات إلکترونیة وخروق قام بها حزب الله ضدّ الموجات الإسرائیلیة الآمنة هی غیر صحیحة. خلال الحرب، ومباشرة بعد انتهائها، فحص کل من الخبراء الأمیرکیّین والإسرائیلیین المعدّات لتبیان ما إذا کان حزب الله قد استمع فعلاً إلى الترددات الموجیة الإسرائیلیة الآمنة. ومن ثم، وفی مقال نشر ضمن مجلة «آفیایشن وییک آند سبایس تکنولوجی» فی شهر تشرین الثانی 2006، رسم الکاتب دایفید فالغوم صورة أکثر واقعیة عمّا فعله حزب الله، خیر الکلام ما قلّ ودلّ: «الشک کسلاح». بحسب «فالغوم»، فإن حزب الله «غیر قادر على اختراق واستغلال أنظمة الاتصالات الموجیة الإسرائیلیة التکتیکیة کما ادعى فعله فی القتال الأخیر فی لبنان»، مشیراً إلى تصریحات ضباط إشارة أمیرکیّین رفیعی المستوى.

ویتابع الکاتب الأمیرکی: «ما کانوا یفعلونه بحقّ هو عملیات نفسیة جیدة جداً. إن واحداً من الأمور التی تریدها هو غرس الشکّ فی قلب العدو. لقد أعلن حزب الله قدرته على قراءة الموجات المشفّرة، أراد من خلال ذلک أن یؤمن جنود جیش الدفاع الإسرائیلی بأنّهم لیسوا محصّنین کما یظنّون. وقد سرت الشائعة کالنار فی الهشیم، وصولاً إلى القوات الأمیرکیّة أیضاً. لکنّ حقیقة ما شهدناه هو تکنولوجیا غیر متطوّرة مستغلّة فی عملیات معلوماتیة (استخباریة) متطوّرة. ومع تسجیل العدو (حزب الله) نقاطاً ضخمةً علینا فی خانة الحرب النفسیة، فإنه یفتّش عن طرق لاستعمال عصر المعلومات ضدّنا».

یلفت المقال إلى أنّ ما حصل على الأرجح هو ارتباک وقعت به وکالات الأنباء الأخرى بحیث «خلط المراسلون ما بین الهواتف الخلویة وتکنولوجیا الترددات الموجیة»، وأنّ الاستماع إلى الهواتف الخلویة هو «مبدأ أساسی فی تقنیات عالم الاستخبارات» یمکن إتمامه بسهولة على أساس أن «الجمیع هناک (فی إسرائیل) یمتلکون هواتف خلویة».

فی ما یمکن عدّه جزءاً من خداع الحرب الإلکترونیة، زوّدت «الیونیفیل» جزءاً من الدلیل على مواطن الضعف الإسرائیلیة.

یناقش مارفن کالب فی تقاریره عن دور وسائل الإعلام فی نزاع عام 2006، ما إذا کانت «الیونیفیل» قد «نشرت معلومات على صفحتها الإلکترونیة عن حرکة الأرتال الإسرائیلیة، وهی معلومات «استخبارات عملیاتیة فی الدوائر العسکریة».

لقد وفّر موقع «الیونیفیل» على شبکة الإنترنت أمثلة على تعزیز وحدات عسکریة أساسیة، نوعیة المعدات التی اجتازت الحدود، وما هی الاتجاهات التی تسلکها هذه المعدات فی الأیام المختلفة للمعرکة. ومع أنه یستحیل معرفة ما إذا کان حزب الله قد عمل على أساس المعلومات التی وفّرتها «الیونیفیل»، سیکون من السخافة بمکان عدم اعتبارها مصدراً أساسیاً للاستخبارت التی کان یمکن حزب الله استثمارها.

وفیما یبدو هذا الواقع أکثر من مشکلة بالنسبة إلى إسرائیل على المستوى التکتیکی، فإن له تداعیات هامة على المستوى التشغیلی. بشکل أدق، فإنه یجبر إسرائیل على إعادة النظر فی منظومة اتصالاتها فی ظل الاستفاقة المزعومة لحزب الله على مستوى قدراته فی الحرب الإلکترونیة.

مرّة أخرى، هذه الحالة تندرج تحت عنوان الخداع من النوع التضلیلی الذی نشد حزب الله من خلاله إقناع إسرائیل بـ«جاذبیة الخیار الخاطئ»، وهو أن أمن نظام اتصالاتها قد وقع تحت التهدید.

عالج حزب الله موضوع بثّ هذه المزاعم عبر تمریر معلومات خاطئة أو مدسوسة وتوزیعها عبر مصادر کـ«المنار» وغیرها من وسائل الإعلام والتقاریر الصحافیة. بعدما اتضح عبر إفادات الإسرائیلیین بأنهم مقتنعون بقدرة حزب الله على الاستماع إلى موجاتهم، ومع ضبابیة استجابة جیش الدفاع الإسرائیلی لهذا الأمر، فإنه على الأرجح کان له دمغة نفسیة على الإسرائیلیین ترسم تساؤلاً جوهریاً عن استمراریة مناعتهم السابقة.

على مستوى الهدف، المتمثل بالاستفادة من ردات الفعل، فإن حزب الله قد استفاد بحذاقة کبیرة من أفعال الإسرائیلیین. مع استمرار القتال وارتفاع عدد القتلى، بدأ العدید من جنود الاحتیاط الذین استُدعوا إلى الحرب بالتساؤل عن حکمة إرسالهم أکیاساً للرمایة نحو القرى التی یسیطر علیها حزب الله بدل إرسال غارات جویة ابتداءً.

درس مفتاحی آخر یجب تعلمه من هذا المثال؛ وهو الصلات بین مختلف النشاطات الاستخباریة. فی الوقت الذی خادع حزب الله حول روعة قدراته ـــــ على غرار العدید من عملیات الخداع ـــــ لکن کان هناک مقدار محدد من الصدق فی تلک الکذبة.

لقد طبقوا حرباً إلکترونیة عبر قدرتهم على الاستماع على الهواتف الخلویة واستغلال منابع معلوماتیة أخرى کجزء من الخداع. کما استعملوا أیضاً المعلومات التی جمعوها لبثها عبر قناة «المنار»، لغایات «الحرب النفسیة».

فی النهایة، کان لهذا التکتیک الخادع، کما یصفه فولغام، تداعیات على مستوى «الحرب النفسیة»، حیث أراد حزب الله «أن تصدق قوات الدفاع الإسرائیلیة أنهم لم یکونوا منیعین کما کانوا یعتقدون» لکن هذه الخدعة «اندلعت کالنار فی الهشیم بین الجنود الأمیرکیّین أیضاً». بعد أشهر من الصراع، وعندما فسّر المهندسون استحالة هذا الاحتمال خمدت إلى حدّ ما المخاوف فی إسرائیل والولایات المتحدة. لکن حتى ذلک الحین، «کان الفأس قد استقر فی الرأس».

المنار والبرافدا

ثبّت استعمال حزب الله للإعلام فی صراع عام 2006، کم یمکن الإعلام أن یکون فعّالاً فی عملیات الخداع هذه الأیام. إنّ دور الإعلام فی الحرب هو عنصر من عناصر عدّة، یجب استذکارها غالباً عند تذکّرنا لصراع صیف عام 2006. أصبح الإعلام سلاحاً أساسیاً فی ید حزب الله ضدّ إسرائیل، وأداة مفتاحیة للخداع.

یصفها مارفن کالب کالتالی: «خلال حرب الصیف فی لبنان، ساعدت الإنترنت فی إنتاج الحرب المباشرة الأولى فی التاریخ، حیث کانت هناک شبکات تسلط الأنظار عبر صور تعکس واقع الحرب الضروس فی الوقت الحقیقی، حول الجنود الإسرائیلیین المتقدمین والمنسحبین من جنوب لبنان، البیوت والقرى التی یجری تدمیرها أثناء القصف، عجائز یفتشون جزافاً بین الرکام، یتبع بعضهم أولاداً یعانقون دمى رثة، الطائرات الإسرائیلیة تهاجم مطار بیروت، صواریخ حزب الله تضرب شمال إسرائیل وحیفا، مجبرةً على إخلاء 300 ألف إسرائیلی من منازلهم والاحتماء فی الملاجئ. وعلیه، فقد حظی العالم بمقعد أمامی لمشاهدة کلّ الدم والدخان فی الحرب العصریة».

یضیف کالب أنه بسبب توافر الکثیر من المعلومات لوسائل الإعلام والرأی العام، حصل تحول فی الدفق المعلوماتی: «فی السابق، کانت مثل هذه المعلومات حکراً على الاستخبارات العسکریة، وکانت تُجمع تحت مظلة معتبرة من الجهود والمخاطر؛ أصبحت الآن مادة یومیة للإعلام. لقد أصبحت الکامیرا والحاسوب أسلحة حربیة».

أدرک حزب الله قوة التلاعب بالإعلام قبل سنوات من الحرب، إذ قام أثناءها باستغلال هذه الخاصیة إلى أقصى الحدود. أظهر استعمال حزب الله للإعلام أین یمکننا الخداع فی حرب المعلومات.

أساساً، استعمل حزب الله عملیات الخداع عبر الإعلام لحجب مواقع صواریخه.

یمکننا ملاحظة مثالین على کیفیة تحول الإعلام إلى مسلک لخطط حزب الله الخادعة: الأول هو قناة المنار، الإعلام التابع لحزب الله، والثانی الإعلام الخارج عن سلطة حزب الله کالـ«سی أن أن» وغیرها من الشبکات العالمیة.

لطالما کانت قناة «المنار» أداة البروباغندا الأولى فی ید حزب الله؛ یذهب أحد الصحافیین أکثر بقوله إن «قناة المنار بالنسبة إلى حزب الله هی ما کانت إیاه قناة برافدا بالنسبة إلى الاتحاد السوفیاتی». من ضمن استعدادات حزب الله لحرب مقبلة مع إسرائیل، کان توسیع نطاق تغطیة «المنار» جزءاً مفتاحیاً من دفاعاته؛ أصبح من الممکن لها حالیاً البث إلى إسرائیل وغالبیة العالم العربی.

مع حلول صیف 2006، کان یمکن الإسرائیلیین تشغیل أجهزتهم التلفزیونیة لیصبحوا یومیاً عرضة للبروباغندا التی تُبَثّ من بیروت. کما أن مهارات «المنار» فی نقل الخبر تطورت على مرّ السنین، وفی وقت سابق بکثیر من اعتماد الولایات المتحدة لمفهوم المراسل المدمج «فی التشکیل العسکری»، غرس حزب الله مراسلی «المنار» داخل مقاتلی میلیشیا المقاومة الإسلامیة.

یُبرز شیفلر فی مقالته هذا الأمر على أنه قناة اتصال مفتاحیة من ضمن قدرات حزب الله فی الحرب النفسیة، ویذهب أبعد حین یضیف أنه یمکن تلخیص ماکینة البروباغندا فی حزب الله بالتالی: «إن لم تستطع التقاطها على فیلم، فأنت لم تقاتل».

ثم یتابع مقالته بالإشارة إلى أن «حزب الله ینظر إلى الفیدیو کأداة عملیات»، وأنه کیف کان ممکناً أثناء الانسحاب الإسرائیلی فی عام2000 الجمع بین القدرات العسکریة والنفسیة الهائلة من الکامیرا، وصولاً إلى الدوریة. کانت «المنار» بحلول صیف 2006، قد أتقنت هذه التقنیة، عبر وضع مراسلیها، الذین یعتقد الکثیرون أنهم تلقوا تدریباً قتالیاً، بین وحدات العصابات، بحیث یصوّرون المعارک ویصار إلى بثّ المادة لاحقاً على امتداد المنطقة.

والمثیر للاهتمام أکثر، قیام شبکات أخرى مثل «الجزیرة» و«العربیة» باستعمال هذه المادة من دون التأکد من صحة الأحداث فی نسخة «المنار».

إنّ قیام «الجزیرة» وغیرها من القنوات باستعمال مادة «المنار» صبّ فی خطّة حزب الله الهادفة إلى حرف الأنظار عن مواقع وحدات إطلاق الکاتیوشا. إضافة إلى ذلک، فإنّ صوراً من منطقة العملیات شقّت طریقها إلى الصفحات الأولى من الجرائد ومواقع الإنترنت من مصادر داخل منطقة القتال من دون التدقیق فی صدقیتها.

أدت سیطرة حزب الله الصارمة على محیط العملیات، عبر استعماله للعدید من نشاطات العملیات الأمنیة، إلى خروج المعلومات التی أراد نشرها فقط دون غیرها.

استمرّ العدد الأکبر من المراسلین بنقل روایة حزب الله إلى العالم، بغضّ النظر عن کونها صحیحة أو لا. کان صدى أفعال المراسلین هذه: المبالغة الإسرائیلیة فی ردّة الفعل، وکان یمکن أن یسمع هذا على امتداد العالم من أخبار «یاهو» إلى «سی أن أن»، ومن «الجزیرة» إلى «بی بی سی».

فی المرحلة الأولى، وبعد اندلاع الاشتباکات، وجد حزب الله نفسه مصدوداً على الملأ من قبل العدید من الدول العربیة بما فیها المملکة العربیة السعودیة، مصر، والأردن؛ لقد وجد فی أسر الجندیین الإسرائیلیین خطوة خرقاء ملیئة بالمغامرة من هذه الحکومات.

لم تشارک الشعوب أنظمتها الشعور نفسه. مع احتدام الصراع واستمرار صمود حزب الله فی وجه الهجمات البریة والجویة الإسرائیلیة، وجد العدید من هؤلاء الحکام أنفسهم فی مشکلة شقاق متنامٍ مع شعوبهم لصدهم حزب الله فی بدایات الحرب. لقد تحول حسن نصر الله إلى بطل فی بلدان مثل مصر والأردن، حیث نزل الناس إلى الشوارع تأییداً ودعماً لحزب الله، وإلقاءً للّوم على حکوماتهم لعدم دعمها هذه المجموعة «الإرهابیة».

اختراق الإنترنت

ترکّزت حالة الخداع الأخیرة فی هذه الدراسة مرة أخرى على الحیل المعتمدة فی الحروب الشبکیة المختصة بعصر المعلومات. کما الإعلام، فإن الفضاء الشبکی cyberspace هو مساحة غیر تقلیدیة للخداع، وأیضاً کما الإعلام، فقد کان مجهود الأفراد من خارج المؤسسات الرسمیة هو الذی وقف فی وجه هذه الهجمات المضللة.

مع شروع إسرائیل فی حملات قصفها على حزب الله فی صیف عام 2006، کان واحداً من أول أهدافها أعمدة ومحطات الإرسال والمنشآت المساعدة لقناة «المنار»، لا مبنى التلفزیون فقط. لکن رغم المحاولات المتکررة التی قام بها جیش الدفاع الإسرائیلی لوضع القناة خارج الخدمة، استمرت «المنار» بالبثّ بشکل متواصل من دون انقطاع ومن أماکن مخفیة، کما استطاعت التملص من عناصر الاستخبارات العسکریة الذین سعوا إلى تشخیص مکان البث باستمرار.

فی نهایة الأمر، لم یستطع الجیش الإسرائیلی التأثیر إلا على البث الأرضی فی لبنان، بینما استمر الشارع العربی بتلقی بث «المنار» عبر الأقمار الاصطناعیة على طول فترة الحرب.

هذه الحرب الشبکیة بین استخبارات الجیش الإسرائیلی و«المنار» دفعت الصراع إلى حلبة جدیدة. تحول حزب الله إلى التخفی والقرصنة عبر الإنترنت فی محاولة لترمیم رسالته المقاومة.

عاینت هیلاری هیلتون من مجلة «تایم» هذه الناحیة من خطة حزب الله الشبکیة، ووجدت أن قراصنة إنترنت تابعین للمجموعة اللبنانیة المقاتلة بحثوا فی الشبکة عن مواقع هشة أمام القرصنة للتواصل فی ما بینهم. ثم تضیف: «استعمل حزب الله هذه الصفحات لبث مقاطع فیدیو ترویجیة وأرقام حسابات مصرفیة، حیث یستطیع داعموه التبرع بالأموال».

تمّ التعرف إلى عملیة قرصنة تمت على شرکة «ساوث تکساس»: «تم وصل قناة المنار على عنوان الآی بی IP الخاص بالشرکة الصغیرة، یمکن تقریب الفکرة عبر اعتبار عنوان الآی بی رقم هاتف. قام حزب الله ببساطة بإضافة مقسّم على رقم الهاتف المقصود، بشکل یسمح للشرکة بالعمل طبیعیاً دون أیة مشاکل، ثم یقوم بأخذ المعلومات الباقیة (کلمات السر) عن عنوان الآی بی من الرسائل والمدونات المتبادلة، لتتم عملیة القرصنة نهائیاً. إذا لم تُکشَف القرصنة، یجری وصل عنوان الآی بی بحقل Domain جدید (هذا الحقل یجعل کل من یدخل إلى هذه الصفحة ینتقل مباشرة إلى موقع قناة المنار)، ما یتیح لأی شخص یفتش عن قناة المنار على الإنترنت أن یصل ویتواصل مع القناة عبر عنوان الآی بی للشرکة المذکورة».

بما أن الشرکات قد لا تفطن إلى ما إذا کانت قد تعرضت للقرصنة أو لا، وأن مجموعات محترفة کحزب الله یمکن لها الإفلات بسهولة، فقد أثبت هذا التکتیک نجاعته بالنسبة إلى مجموعات الثوار من أجل الاستمرار فی نقل رسالاتهم إلى الخارج، حتى لو لم یکن ذلک ممکناً فی بلدانهم الأم.

خلاصة

تقدّم الفقرات السالفة حالات متعددة من الخداع، مأخوذة من حرب إسرائیل ـــــ حزب الله، مدعومة بمعلومات عن کیفیة تمکن حزب الله من منع إسرائیل من استعمال العدید من مصادر معلوماتها التقلیدیة عبر التضلیل، وهو الأمر الذی أدى بحزب الله إلى هزیمة إسرائیل عبر وسائل لم تصبح مستحدثة تم التعرف إلیها قبیل مدة. تثبت حالتان من الحالات الأربع کیف أن أشکال الخداع التقلیدیة لا تزال قابلة للتطبیق فی الحرب الحدیثة، بینما تثبت حالة واحدة من الحالتین الباقیتین على الأقل کیف أن استعمال الإعلام یغیر واقع الخداع فی عصر المعلومات.

وفی الإشارة الأخیرة إلى سرقة الإنترنت، نجد کیف أنّ مجموعات مماثلة لحزب الله یمکن أن تختبئ ضمن الفضاء الشبکی، عبر استعمالها مجسات غیر معروفة لضمان تطبیق أهدافها. لکن على الرغم من إحاطتنا بهذه الأمثلة المذکورة، یبقى هناک الکثیر من الدروس الأساسیة التی یجب تعلمها بالنسبة إلى أعمال الخداع فی أنواع من الحروب کهذه.

( للصحافی اللبنانی  علی شهاب )

ن/215


| رمز الموضوع: 142740







الصفحات الاجتماعية
instagram telegram twiter RSS
  1. صنعاء تستهدف "بن غوريون" بصاروخ باليستي فرط صوتي.. وتُهاجم هدفاً في يافا المحتلة
  2. كتائب القسام توقع قوة إسرائيلية في حقل ألغام.. وجنود الاحتلال بين قتيل وجريح
  3. المشّاط للإسرائيليين: لا تراجع عن إسناد غزّة.. الزموا الملاجئ ردّنا سيكون مزلزلاً
  4. الإدارة الأميركية ترضخ.. القوات اليمنية تستفرد بالعدو الصهيوني
  5. انصار الله: إعلان ترامب فشل لنتنياهو
  6. سرايا القدس تسيطر على مُسيرة إسرائيلية شرق مدينة غزة
  7. العدوان الإسرائيلي على مطار صنعاء الدولي.. هجوم استعراضي موجه للداخل الصهيوني
  8. عدوان أمريكي إسرائيلي غاشم على اليمن بعشرات الطائرات
  9. وزير الخارجية الإيراني: الدعم القاتل لإبادة نتنياهو الجماعية في غزة، وشن الحرب نيابةً عنه في اليمن، لم يُحققا شيئاً للشعب الأميركي
  10. طهران ترفع الستار عن وثائقي للمقاومة في فلسطين وايرلندا
  11. حكومة الاحتلال تقرّر توسيع الحرب على غزة رغم التحذيرات
  12. وزير العلوم الإيراني: الرأي العام العالمي لا يعترف بالكيان الصهيوني
فيديو

وكالةالقدس للأنباء


وكالةالقدس للأنباء

جميع الحقوق محفوظة لوکالة القدس للأنباء(قدسنا)