الجمعه 11 ذوالقعدة 1446 
qodsna.ir qodsna.ir

لبنان بعد 3 سنوات على خروج القوات السوریة: هل أصبح أکثر استقراراً؟

نشر الموقع الإلکترونی لمرکز «سابان» لسیاسة الشرق الأوسط التابع لمعهد بروکینغز دراسة بحثیة حملت عنوان «تشکیل مستقبل لبنان» أعدها بلال وای ساب، الباحث الرفیع المستوى بالمرکز، وقد تطرقت الدراسة للموضوع من خلال خمسة نقاط هی: الملخص التنفیذی، أزمة لبنان التی لا تنتهی، الجذور المحلیة للأزمة، التشعبات الإقلیمیة والدولیة، وما هو مطلوب: سیاسة أمریکیة مختلفة.

* الملخص التنفیذی:

أکد الملخص التنفیذی على أن لبنان قد "تورط فی أوحال مستنقع أزمة سیاسیة عنیدة یصعب تهدئتها"، وما کان لافتاً للنظر أن الملخص قد أشار قائلاً بأن لبنان "وبعد مرور ثلاثة أعوام على خروج القوات السوریة قد أصبح أقل استقراراً ولیس العکس"، وإلى أن "الولایات المتحدة تحتاج، تبعاً لذلک، إلى صیاغة سیاسة لبنانیة تساعد على إخراج لبنان من الوضع الدستوری المغلق، هذه السیاسة التی یجب أن تسعى إلى بناء قدرة الدولة وتحمی لبنان من التدخلات الأجنبیة السلبیة وتحترم توازن القوى اللبنانی الداخلی".

* أزمة لبنان التی لا تنتهی:

أشارت الدراسة إلى أن لبنان ظل یعانی من أزمة لم تتوقف منذ لحظة اغتیال رئیس الوزراء السابق رفیق الحریری فی 4 شباط 2005م، وأشارت الدراسة کذلک إلى الوقائع الآتیة:

• حدوث سلسلة من الاغتیالات السیاسیة.

• المعاناة والخسائر الباهظة لحرب صیف العام 2006م.

• الصراع مع التنظیمات الأصولیة الإسلامیة التی استعملت نموذج تنظیم القاعدة.

• العداء الداخلی الشدید القسوة.

وبسبب کل ذلک کانت النتیجة ما یلی:

• حالة الجمود والشلل المؤسساتی.

• الرکود الاقتصادی.

• الأداء السیاسی المکبوح.

• سلسلة متقطعة من العداوات المحلیة الأقرب شبهاً للحرب الأهلیة.

• وقوع الحکومة تحت حصار المعارضة الذی استمر لأکثر من عام وما زال مستمراً.

• مواجهة التحالف الحاکم لأزمة الأغلبیة البرلمانیة المتناقصة.

وعلى خلفیة کل هذه التطورات تبلور موقفان سیاسیان متعارضان یصعب التوفیق بینهما:

• التحالف الحاکم یقول بأنه لن یترک لبنان یقع فی المحور السوری – الإیرانی.

• التحالف المعارض یقول بأنه لن یسمح بانضمام لبنان إلى دائرة نفوذ الولایات المتحدة الأمریکیة.

وما زاد الأمر سوءاً، أن عدم الثقة بین الکتل السیاسیة المتناحرة قد أدى إلى عدم انتخاب رئیس جدید للجمهوریة. وتبعاً لذلک، ظل لبنان بلا رئیس منذ لحظة مغادرة الرئیس السابق إیمیل لحود لمنصبه فی 23 تشرین الثانی 2007م الماضی. وحتى الآن لم تنجح جلسات مجلس النواب فی حل مشکلة انتخاب الرئیس، إضافة إلى أنه لم یعد هناک أی بارقة أمل لانتخابه فی القریب العاجل.

* الجذور المحلیة للأزمة:

حددت الدراسة الجذور المحلیة للأزمة اللبنانیة الحالیة باعتبارها ترجع إلى سببین هما:

• الأداء السلوکی اللاتعاونی فی علاقات النخب اللبنانیة.

• طبیعة ترتیبات اقتسام السلطة القائمة على المحاصصة فی لبنان.

وقد أدت إسقاطات وتداعیات هذه الأسباب إلى الإطاحة بأی أمل فی إحداث تغییر بعد خروج القوات السوریة من لبنان.

وأشارت الدراسة إلى أن لبنان شهد بعد اغتیال الحریری اندلاع مظاهرات تعتبر الأضخم والأکبر فی تاریخه، وبعد فترة قصیرة نجحت قوى 14 آذار فی الفوز بانتخابات حزیران 2005م، وکانت تلک المرة الأولى فی تاریخ لبنان أن حصل تحالف سیاسی على أغلبیة واضحة تضمنت 72 من أصل 128 مقعداً برلمانیاً. إن حدوث مثل هذه النتیجة کان غیر عادی وغیر ممکن فی أی انتخابات لبنانیة لأن النظام الانتخابی اللبنانی یجعل الحصول على الأغلبیة الکبیرة أمراً صعباً بسبب:

• عملیات الکبح الداخلی.

• التوازنات الداخلیة.

• طبیعة نظام الدوائر الانتخابیة.

إضافة لذلک، فإن التحالفات الفضفاضة التی ظلت تجمع بین الکتل والقوى السیاسیة اللبنانیة على المستوى المحلی کانت تحالفات فوقیة ذات طابع شکلی سیاسی، ولم یحدث أن أدت على المستوى الوطنی اللبنانی إلى تشکیل کتل متماسکة القوام داخل البرلمان اللبنانی. ومن ثم، فقد کان العامل الرئیسی لفوز قوى 14 آذار هو القانون الانتخابی القائم على نظام التقسیم إلى وحدات سیاسیة، والذی أتاح للساسة اللبنانیین من مختلف الأطیاف والألوان أن یتحرکوا "بحبور" ضمن سقف هذا القانون.

* قوى 14 آذار: إشکالیة تجاوز التوتر:

لم تنته حماسة قوى 14 آذار التی أمسکت بالسلطة التنفیذیة والتشریعیة، وبرغم حصولها على تأیید الولایات المتحدة والمجتمع الدولی، فقد واجهت تحدیات کبیرة فی إدارة شؤون الحکم. وکان أحد هذه التحدیات هو صلابة وعناد المعارضة، وکان أحد المظاهر الغریبة فی النظام اللبنانی یتمثل فی الطبیعة الاستشاریة المثیرة للغرابة، ونتیجة لذلک کانت المعارضة اللبنانیة تجلس ضمن مجموعة منفصلة فی البرلمان إشارة إلى تمیزها عن مجموعة الحکومة، علماً بأن نفس هذه المعارضة لها وزراء یعملون داخل الحکومة!!

کذلک، فقد عانى تحالف قوى 14 آذار من "سوء الحظ" الذی صنعه بیده، من جراء تسلیمه منصب القیادة لسعد الحریری، والذی بسبب نزوعه العدوانی فی التعامل مع المعارضة کان الناتج هو الإطاحة بکل آمال وطموحات الشعب اللبنانی. وفی الحقیقیة، کان یمکن أن یسعى الحریری وقوى 14 آذار إلى التوافق مع المعارضة ضمن صیغة «لا غالب ولا مغلوب»، أی أنه وبدلاً من إعطاء الفرصة للجمیع للقیام بعملیة التغییر فی لبنان، فقد حصرت قوى 14 آذار وزعیمها الحریری عملیة التغییر فی الآتی:

• السعی لاستهداف سوریا.

• العجلة الشدیدة فی تطبیق الإصلاحات الاقتصادیة وفقاً لوصفات المؤسسات المالیة الدولیة کصندوق النقد الدولی والبنک الدولی.

• العجلة فی موضوع المحکمة الدولیة.

• العجلة فی الارتباط الوثیق بواشنطن وحلفائها فی المنطقة العربیة.

هذه هی نقاط وخطوات إصلاح لبنان وفقاً لمنظور قوى 14 آذار وزعیمها سعد الحریری، وبسبب الطموح الشدید لدى الحریری وقوى 14 آذار لتنفیذ هذه الأجندة، فقد رفضوا إعطاء المعارضة حق ممارسة الفیتو، ذلک أن إعطاء الفیتو لها سیضعف سیطرة الحریری و14 آذار على السلطة التنفیذیة والمؤسسات الحکومیة اللبنانیة.

* قوى 8 آذار: إشکالیة الوحدة فی الداخل والاختلاف فی الخارج:

ترى الدراسة بأن قوى 8 آذار تتمتع بالوحدة الداخلیة ولکن إزاء قضایا السیاسة الداخلیة فقط، أما فیما یتعلق بالسیاسة الخارجیة فإنها لم تستطع حتى الآن الاتفاق حول صیغة موحدة لها، فحزب الله وحرکة أمل یرتبطان بعلاقة وثیقة مع سوریا وإیران، أما التجمع الوطنی الحر الذی یتزعمه الجنرال میشال عون فما زال یحاول الحفاظ على علاقاته مع فرنسا وأمریکا والغرب عموماً.

* التشعبات الإقلیمیة والدولیة:

تشیر الدراسة إلى الخلاف والصراع الکبیر الذی یفصل فی المنطقة بین سوریا وإسرائیل، وقد ترتب علیه أن أصبح لبنان جزءاً من الصراع لفرض النفوذ على المنطقة الدائر حالیاً بین أمریکا وحلفائها من جهة وبین سوریا وإیران وحلفائهما من الجهة الأخرى الذین ظلوا یرفضون النفوذ الأمریکی فی المنطقة. وقد أدت الأزمة اللبنانیة إلى استقطاب الأطراف الإقلیمیة والدولیة وشهد لبنان وصول الکثیر من الوسطاء والمبعوثین إضافة إلى المبادرات العدیدة. وقد أدت الخلافات حول المبادرات والوساطات إلى خلافات إقلیمیة ودولیة عمیقة من أبرزها الخلاف الإقلیمی السوری – السعودی، والخلاف الدولی السوری – الأمریکی حول لبنان، وقد أدت هذه الخلافات إلى التأثیر فی الملفات والقضایا الشرق أوسطیة الأخرى.

* ما هو مطلوب: سیاسیة أمریکیة مختلفة:

برغم تعدد النقاط الواردة تحت هذا البند، فقد تمثل أبرز ما أشارت إلیه الدراسة فی مطالبة الإدارة الأمریکیة بعدم السعی لاستخدام وتوظیف لبنان کساحة لتصفیة حساباتها مع سوریا وإیران، وأکدت الدراسة بأن محاولات الإدارة الأمریکیة السابقة والتی ما زالت مستمرة لاستخدام الساحة اللبنانیة لتصفیة الحسابات والعداء ضد سوریا وإیران، هی السبب الرئیسی المسؤول عن حالة التناحر والانشقاقات التی أصبحت تهدد بتقویض ونسف استقرار وأمن لبنان.

* تقییم عام:

تتمثل نقاط القوة فی الدراسة فی الآتی:

• الوضوح المباشر فی تحدید أسباب الأزمة اللبنانیة الجاریة حالیاً عن طریق إرجاعها إلى أسبابها الداخلیة الحقیقیة، وبالتالی فإن هذه الدراسة تعتبر أول دراسة أمریکیة لا تحاول الالتفاف والتحایل على أسباب الأزمة عن طریق اللجوء إلى تحمیل سوریا وإیران المسؤولیة.

• توضیح العیوب المتعلقة بالأداء السیاسی اللبنانی لجهة أنها ترجع إلى عدم مصداقیة الأطراف اللبنانیة مع بعضها البعض، وأیضاً العیوب الدستوریة والعیوب الموجودة فی النظام الانتخابی اللبنانی. وفی هذا الخصوص لم تحاول الدراسة الالتفاف على الموضع وتحمیل سوریا وإیران مسؤولیة الخلافات اللبنانیة – اللبنانیة، ویبدو تحلیل الدراسة لهذه النقطة صحیحاً لأن سوریا أو إیران لم تقوما بوضع الدستور اللبنانی ولا الإشراف على الانتخابات اللبنانیة التی لم تکن سوریا موجودة عند إجرائها.

• أوضحت عیوب وتشوهات أداء قوى الحکم وقوى المعارضة ضمن مجلس النواب اللبنانی الذی لم تقم لا سوریا ولا إیران بترتیب مقاعده وطریقة جلوس النواب علیها.

إضافةً لنقاط القوة المتعددة، فقد عانت الدراسة من نقطة ضعف مرکزیة تمثلت فی عدم التصدی بوضوح لدور العامل الإسرائیلی فی توجیه السیاسة الأمریکیة تجاه لبنان، کما لم تتطرق الدراسة أیضاً إلى دور إسرائیل وأمریکا لیس فی التأثیر فقط على زعماء قوى 14 آذار وإنما فی توجیههم عن طریق التدخل المباشر والفعلی بواسطة السفیر الأمریکی فی بیروت، والیهودی الأمریکی دیفید والش مساعد وزیرة الخارجیة الأمریکیة لشؤون الشرق الأوسط. إضافة لذلک أیضاً، تطرقت الدراسة إلى استخدام لبنان کساحة لتصفیة الحسابات مع سوریا وإیران، ولکنها لم تتطرق إلى استخدام أمریکا للخلافات اللبنانیة کوسیلة للتدخل فی لبنان وتنفیذ المزید من العملیات السریة التی استهدفت اللبنانیین أنفسهم عن طریق تقدیم المال السیاسی أو عن طریق استخدام فرق الموت التی اغتالت حلفاء أمریکا، بما یتیح لأمریکا وإسرائیل استخدام دمائهم کسلعة رخیصة فی سوق النخاسة لتسویق العداء ضد سوریا والمقاومة الوطنیة اللبنانیة وإیران.

م/ن/25


| رمز الموضوع: 142871







الصفحات الاجتماعية
instagram telegram twiter RSS
  1. صنعاء تستهدف "بن غوريون" بصاروخ باليستي فرط صوتي.. وتُهاجم هدفاً في يافا المحتلة
  2. كتائب القسام توقع قوة إسرائيلية في حقل ألغام.. وجنود الاحتلال بين قتيل وجريح
  3. المشّاط للإسرائيليين: لا تراجع عن إسناد غزّة.. الزموا الملاجئ ردّنا سيكون مزلزلاً
  4. الإدارة الأميركية ترضخ.. القوات اليمنية تستفرد بالعدو الصهيوني
  5. انصار الله: إعلان ترامب فشل لنتنياهو
  6. سرايا القدس تسيطر على مُسيرة إسرائيلية شرق مدينة غزة
  7. العدوان الإسرائيلي على مطار صنعاء الدولي.. هجوم استعراضي موجه للداخل الصهيوني
  8. عدوان أمريكي إسرائيلي غاشم على اليمن بعشرات الطائرات
  9. وزير الخارجية الإيراني: الدعم القاتل لإبادة نتنياهو الجماعية في غزة، وشن الحرب نيابةً عنه في اليمن، لم يُحققا شيئاً للشعب الأميركي
  10. طهران ترفع الستار عن وثائقي للمقاومة في فلسطين وايرلندا
  11. حكومة الاحتلال تقرّر توسيع الحرب على غزة رغم التحذيرات
  12. وزير العلوم الإيراني: الرأي العام العالمي لا يعترف بالكيان الصهيوني
فيديو

وكالةالقدس للأنباء


وكالةالقدس للأنباء

جميع الحقوق محفوظة لوکالة القدس للأنباء(قدسنا)