الجمعه 11 ذوالقعدة 1446 
qodsna.ir qodsna.ir

المؤرخ البریطانی توینبی شاهد على جریمة بلاده فی فلسطین

 

اللورد " ارنولد توینبی " المؤرخ البریطانی الأعظم والأشهر والأکثر موضوعیة، والموسوعی الثقافة والذی کتب موسوعة قصة التاریخ، لم یملک سوى أن یجرم بلده بریطانیا على ما اقترفته بحق الشعب الفلسطینی وتسلیم وطنهم لقمه سائغة للحرکة الصهیونیة، إذ یرى أن بریطانیا شارکت بالخدیعة والدسیسة والوقیعة والمؤامرة بل والجریمة فی تشرید الشعب الفلسطینی وضیاع فلسطین وحصول النکبة الفلسطینیة التی یرى "أنها مأساة وجوهر هذه المأساة هو أن ملیون ونصف من الفلسطینیین العرب (الآن أکثر من سبعة ملایین) أصبحوا لاجئین محرومین من وطنهم ودیارهم وممتلکاتهم دون أن یسمح لهم بإبداء رأیهم فی تقریر مصیرهم" وأن هذه المأساة تمس العالم أجمع لأنها ظلم یهدد السلم العالمی".

والسبب فی تجریم بریطانیا واتهامها بصراحة ووضوح وعلانیة لأنها هی صاحبة وعد بلفور. الذی یتبرأ منه تماماً مما جعله یشعر کمواطن إنجلیزی "بالذنب وتبکیت الضمیر على ما حل بالشعب الفلسطینی جراء هذا الوعد المشؤوم".

" کمواطن إنجلیزی أکره أن اتهم/ أجرم بلدی بید أننی اعتقد أن بریطانیا تستحق الاتهام وهذا هو التعویض الشخصی الوحید الذی فی وسعی أن أقدمه".

ویقول أیضاً : " أن ذنب بریطانیا فی هذه الجریمة لا یقلل منه الحقیقة المهینة وهی أن بریطانیا عاجزة الآن عن رفع الظلم الذی أوقعته بالشعب الفلسطینی ".

ویقدم المؤرخ توینبی المسوغات والقرائن لتجریم بریطانیا على جریمتها الکبرى ضد الشعب الفلسطینی إذ یقول : "فی تقدیری أن النقطة الکارثیة فی لائحة الاتهام ضد بلدی هی أن فلسطین فی ذلک الوقت کانت تحت الإدارة البریطانیة لمدة ثلاثین عام 1918 – 1948 وأنها خلال تلک السنوات لم تقرر أو تعلن بأی شکل من الأشکال سیاستها حول مستقبل فلسطین، والأکثر من ذلک أنها خلال السنوات الثلاثین کانت تسمح للیهود بالهجرة إلى فلسطین بنسب متفاوتة تختلف حسب الأوضاع والضغوط الیهودیة أو العربیة ولولا الدعم والحمایة والسیطرة البریطانیة، لما سمح لهذه الهجرة الیهودیة إلى فلسطین، ویضیف اللورد توینبی قائلاً "لو بقیت فلسطین تحت الحکم العثمانی الترکی، أو لو أصبحت فلسطین دولة مستقلة منذ عام 1918 لما سمح للیهود بالقدوم إلى فلسطین بتلک الأعداد الکبیرة التی مکنتهم من التغلب على العرب الفلسطینیین فی بلدهم العربی فلسطین.

أما السبب فی وجود إسرائیل الآن، و وجود ملایین اللاجئین الفلسطینیین فهو: "أن الحکم العسکری البریطانی فرض الهجرة الیهودیة على فلسطین لمدة ثلاثین عام على التوالی، حتى أزداد الیهود بأعداد ضخمة وتسلحوا تسلیحاً کبیراً وبأفضل الأسلحة المتقدمة مکنتهم من فرض أنفسهم بالدبابات والطائرات ".

ویقول توینبی أن وعد بلفور فی الثانی من نوفمبر عام 1917 "کان الورقة الرابحة فی السباق المظلم بین فئتین من المحاربین فی الحرب العالمیة الأولى لکسب دعم الیهود فی ألمانیا، والنمسا والمجر والأهم من ذلک الولایات المتحدة الأمریکیة".

بید أن بریطانیا استخدمت ما یسمى الیوم بازدواجیة اللغة وسیاسة المعاییر المزدوجة، لأنها فی وعدها لإعطاء وطن قومی للیهود فی فلسطین : "استعملت لغة مضللة، ولهذا کمواطن من المملکة المتحدة أعلن عن شعوری بالعار والندامة من فعلة بریطانیا هذه، وتلک کانت هی الحقیقة لأنه خلال الحرب العالمیة الأولى وبعدها کانت الحکومة البریطانیة تلعب لعبة مزدوجة، حیث کان هناک تناقض بین التعهدات التی قطعتها بریطانیا إلى العرب من جهة وإلى الصهاینة من جهة أخرى، کما کان هناک تناقض فی إدخال وعد بلفور فی نص الانتداب الذی أعطى لبریطانیا إدارة فلسطین. وبین تصنیف الانتداب من الفئة أ Class A التی بمقتضاها یتوجب على السلطة المنتدبة (بریطانیا) أن تلتزم بإعطاء الشعب الفلسطینی الواقع تحت الانتداب استقلاله فی أسرع وقت ممکن لیتمکنوا من ترتیب أمورهم وأدارة شؤونهم بأنفسهم" ویواصل توینبی شهادته، : "یمکن القول، وبکل أسف، أن بریطانیا قطعت تعهدین متناقضین مع بعضهما البعض. للعرب والیهود، وحین صدر قرار الانتداب کان الفلسطینیون العرب یشکلون 90% من سکان فلسطین، وکان الانتداب على فلسطین انتداباً من الفئة الأولى Class A کما یفهم من مراسلات حسین - مکماهون والتی تنص على الاعتراف بالاستقلال العربی وتدعیمه! ولهذا کان من المنطقی أن یفترض الفلسطینیون بأن بریطانیا تعهدت بالعمل على إعداد فلسطین لأن تصبح دولة عربیة مستقلة".

إن المؤامرة، مؤامرة وعد بلفور هی جریمة مع سبق الإصرار والترصد pre-pence malice حسب القانون الدولی، ولهذا فإن القائد العسکری البریطانی الجنرال اللنبی لم یسمح بنشر القرار فی فلسطین إلا بعد مرور ثلاث سنوات على صدوره، ومما یؤکد ذلک ما ذهب إلیه رئیس وزراء بریطانیا ونستون تشرشن الذی کان یفتخر بأنه صهیونی حیث أعترف بالدوافع الحقیقیة وراء القرار وذلک بقوله "لا یجب النظر إلى وعد بلفور على أنه وعد أعطی بدوافع عاطفیة، لقد کان خطوة عملیة اتخذت فی صالح قضیة مشترکة فی لحظة لم یکن فی مقدور هذه القضیة أن تهمل أی عنصر من عناصر المساعدة المادیة والمعنویة، والمقصود هنا وقوف الیهود بأموالهم وإمکانیاتهم وقوتهم المادیة والمعنویة والمنظورة وغیر المنظورة مع بریطانیا أثناء فترة الحرب ولهذا کانت مکافأة الیهود بوعد بلفور وهذا أغرب وأعجب وعد فی التاریخ کما یرى الکاتب الیهودی آرثر کوستلر فی کتابه الوعد والإیفاء promise and fulfillment الذی وصف الوعد بالعبارة البلیغة والصریحة التالیة "إن أمة وعدت أمة ثانیة بإعطائها وطن أمه ثالثة" أی أن بریطانیا وعدت الیهود بإعطائهم فلسطین وطناً للشعب الیهودی.

وهکذا ضحت بریطانیا بفلسطین وشعبها من أجل مصالحها، بل أن الیهود الذین کانوا ضحیة النازیة أصبحوا هم الجانی المجرم ضد الشعب الفلسطینی، ولهذا یقول توینبی: " من الأشیاء الأکثر مأساویة فی التاریخ أن (الیهود) الذین عانوا على ید هتلر یقومون بفرض معاناتهم على شعب آخر هو (الشعب الفلسطینی).

أی أن ضحیة الأمس أصبح مجرم الیوم، وذلک بفعل الدعم اللامحدود الذی تقدمه دول الغرب وخاصة الولایات المتحدة الأمریکیة وبریطانیة، لهذا یقول توینبی " إذا کانت بریطانیا تتحمل المسؤولیة الأضخم حیال القضیة الفلسطینیة وما یجری فی فلسطین، فإن للولایات المتحدة تقوم بالدعایات الأکثر تضلیلاً فی هذه المأساة، ویقول لو التزمت أمریکا برأی عام محاید حول فلسطین، لتغیر الموقف فی فلسطین إلى الأفضل!!!

هل یقوم أولو الأمر والرأی لدى الشعب الفلسطینی انطلاقاً من موقف توینبی هذا بالضغط على الحکومة البریطانیة لتصحیح موقفها وسحب وعد بلفور وکل ما ترتب علیه من آثار وحیف وظلم ونتائج جلبت الکوارث على الشعب العربی الفلسطینی خاصة وأن هناک حملة بدأت الآن فی نفس الاتجاه یقوم بها بعض المثقفین والنواب داخل بریطانیا من بریطانیین وغیرهم، هل هذا شیء خارج عن قدراتنا؟!

لماذا لا نبدأ الآن .....

( الکاتب وألاکادیمی الفلسطینیالدکتور أسعد أبو شرخ )  

ن/25

 

 

لاجئین فلسطینین فی طریقهم للبنان بعد تطهیرهم عرقیاً، اُنقر الصورة لتکبیرها

 

 

 


| رمز الموضوع: 142881







الصفحات الاجتماعية
instagram telegram twiter RSS
  1. صنعاء تستهدف "بن غوريون" بصاروخ باليستي فرط صوتي.. وتُهاجم هدفاً في يافا المحتلة
  2. كتائب القسام توقع قوة إسرائيلية في حقل ألغام.. وجنود الاحتلال بين قتيل وجريح
  3. المشّاط للإسرائيليين: لا تراجع عن إسناد غزّة.. الزموا الملاجئ ردّنا سيكون مزلزلاً
  4. الإدارة الأميركية ترضخ.. القوات اليمنية تستفرد بالعدو الصهيوني
  5. انصار الله: إعلان ترامب فشل لنتنياهو
  6. سرايا القدس تسيطر على مُسيرة إسرائيلية شرق مدينة غزة
  7. العدوان الإسرائيلي على مطار صنعاء الدولي.. هجوم استعراضي موجه للداخل الصهيوني
  8. عدوان أمريكي إسرائيلي غاشم على اليمن بعشرات الطائرات
  9. وزير الخارجية الإيراني: الدعم القاتل لإبادة نتنياهو الجماعية في غزة، وشن الحرب نيابةً عنه في اليمن، لم يُحققا شيئاً للشعب الأميركي
  10. طهران ترفع الستار عن وثائقي للمقاومة في فلسطين وايرلندا
  11. حكومة الاحتلال تقرّر توسيع الحرب على غزة رغم التحذيرات
  12. وزير العلوم الإيراني: الرأي العام العالمي لا يعترف بالكيان الصهيوني
فيديو

وكالةالقدس للأنباء


وكالةالقدس للأنباء

جميع الحقوق محفوظة لوکالة القدس للأنباء(قدسنا)