اهم سفراء فلسطین.. اسوأ المحامین عن اعدل القضایا
اهم سفراء فلسطین.. اسوأ المحامین عن اعدل القضایا
الدکتور فایز رشید
بدایة، لا یمکن تعمیم العنوان على کافة السفراء الفلسطینیین فی دول الخارج، فمنهم بالطبع من یقوم بواجبه، ومنهم من یرى فی المنصب وسیلة للثراء، وطریقا لفرض هیمنته وجبروته، وتعزیز نفوذه على کافة الأصعدة.
بعض السفراء الفلسطینیین اعتقدوا وما زالوا یعتقدون بأنهم سفراء لدولة کبرى مستقلة وواسعة الثراء.. لا یقتنون سوى آخر مودیلات سیارات المرسیدس، یستبدلونها سنویا، ویقیمون الحفلات باهظة التکالیف، بمناسبة ومن دون مناسبة، مع العلم أن سفیری فیتنام وکوبا فی الاتحاد السوفییتی فی السبعینیات (وقد رأیت ذلک بأم عینی) اقتنیا سیارات من صنع شرکة لادا الروسیة، ومثیلاتها مخصصة کسیارات الأجرة وکان ذلک بعد تحرر فیتنام وکوبا. بعض السفراء ینطلقون من أنهم یمثلون الدول التی یوجدون فیها، فی مؤسسات م. ت. ف، فتراهم یرغبون باخضاع سیاسات المنظمة وفقا لسیاسات تلک الدول، مثلا، رد فعل السفیر الفلسطینی فی روما فی عام 1975 على ادانة المؤتمر الدولی الأول للمرأة (الذی نظمته الأمم المتحدة فی المکسیک) للصهیونیة باعتبارها تمییزا عنصریا وشکلا من أشکال التمییز العنصری، تمثل فی القول: وکیف سأستطیع المشی فی شوارع روما الآن؟ بعد ادانة الصهیونیة! هذه الکلمات قالها فی اتصال هاتفی أجراه مع الدائرة السیاسیة فی منظمة التحریر، وکان فی غایة الامتعاض.
المعروف أیضا أن مواقف سرّی نسیبة المعین من قبل السلطة الفلسطینیة فی أحد شؤون القدس، وصاحب الورقة الشهیرة مع أیالون، تعارض مقاطعة الجهات الأکادیمیة والجامعات العدیدة المنتشرة فی کل أنحاء العالم، للجامعات الاسرائیلیة، بدعوى الاضرار بمصالح الشعب الفلسطینی، أما کیف یتم هذا الاضرار فلم یبین لنا هذا العبقری ذلک.
موقف نسیبة له مؤیدوه من بین السفراء الفلسطینیین فی الخارج، ومن بینهم السفیر الفلسطینی فی جوهانسبرغ، وقد کنت فی زیارة الى جنوب افریقیا مؤخرا، واستمعت بأسى وحزن عمیق الى قیادات من منظمات جنوب افریقیة عدیدة ترفع لواء التأیید ونصرة الحقوق الفلسطینیة والعربیة، وهی تبدی امتعاضها الکبیر من السفیر الفلسطینی، الذی ومنذ بدء المفاوضات المباشرة فتح قنوات اتصال مع المنظمات الصهیونیة الجنوب افریقیة، ویقف فی مواجهة قطع الاتصالات الأکادیمیة الجنوب افریقیة مع الجامعات الاسرائیلیة.
للأسف، فان مثل هذا التصرف لا ینم عن معرفة السفیر بطبیعة العدو الصهیونی، ولا یعکس أن مثله یصلح لتمثیل بلده المحتل وشعبه صاحب القضیة العادلة والمشروع الوطنی الفلسطینی، على الاطلاق. ان من واجب سفراء فلسطین فی کل أنحاء العالم أن یمثلوا شعبهم وقضیته العادلة، وأن یعملوا على التقاط کافة الجهات والأفراد المؤیدین لقضیة شعبنا، وأن یکون نشاطهم الأساسی منصّبا على الوقوف فی وجه الاضالیل الصهیونیة.
سفراء فلسطین فی کل أنحاء العالم یجب أن لا یتعاملوا مع أنفسهم وکأنهم سفراء لدولة عادیة مستقلة، وذلک بالابتعاد عن مظاهر الترف البالغ، وعلیهم أن یعملوا على تعریف شعوب الدول التی یوجدون فیها، بقضیتهم العادلة من خلال الندوات والمحاضرات وکافة النشاطات الملبیة لهذا الطموح وتلک الأهداف. واجبهم تأیید وتسهیل ومدّ کافة الأطر المؤیدة لقضیة شعبهم والتعاون معها والاستفادة من خبراتها وأخذ ملاحظاتها بعین الاعتبار، فی کیفیة التوجه لشعوب هذه الدول، وتجییر القطاعات المؤیدة منها لنضالات شعبنا، وتحویلها الى قوة مساندة حقیقیة للحقوق الوطنیة الفلسطینیة.
قدیما فی الخمسینیات فان الکاتبة البریطانیة اثیل مینون قالت جملة نوّد استذکارها: وهی أن العرب هم أسوأ المحامین عن أعدل القضایا. وبالفعل فی کل زیارة خارجیة أقوم بها الى دول خارج النطاق العربی، ألمس کمّا هائلا من التأیید للشعب الفلسطینی وقضیته العادلة. بعض السفراء الفلسطینیین یقومون بواجبهم بشکل ایجابی، وجعلوا من سفاراتهم سندا للطلاب والجالیات الفلسطینیة فیها، کما أنهم یعملون جاهدین لکسب قطاعات وکفاءات عریضة من شعوب وکفاءات هذه البلدان الى جانب القضیة الفلسطینیة.
لم یکن الهدف ولن یکون (من هذه المقالة) الأساءة لأحد من هؤلاء السفراء، ولا کیل المدیح لبعضهم، ما کتبناه بعید کل البعد عن التجنی، وهو یعکس الواقع اعتمادا على مشاهدات حیّة، واعتمادا على ما سمعناه من مؤیدین للقضیة الفلسطینیة، لیس لهم مصلحة سوى تأیید حقوق شعبنا الوطنیة، ولیست لهم ثارات شخصیة ولا مطامع ذاتیة مع هذا السفیر أو ذاک. ویظل الهدف هو نقد السلبیات على طریق العودة الى الصواب، وذلک أضعف الایمان، والباب مفتوح للرد ومناقشة هذا الملف.
ن/25