دراسة صهیونیة:صواریخ المقاومة تحولت لتهدید استراتیجی یصعب التخلص منه

دراسة صهیونیة:صواریخ مقاومة غزة تحولت لتهدید استراتیجی یصعب التخلص منه

فی احدث دراسة أصدرها مرکز الأبحاث التابع لجامعة بار ایلان، فی تل ابیب، جاء انّ إطلاق الصواریخ من قطاع غزة باتجاه جنوب دولة الاحتلال، والذی بدأ فی العام 2001 تحول بعد مرور عقد من الزمن من مجرد إزعاج هامشی على خلفیة أحداث انتفاضة القدس والأقصى، لا یهتم به صنّاع القرار فی "تل أبیب"، الى خطر استراتیجی داهم وحقیقی، لا یمکن التنبؤ حالیا فی کیفیة تمکن دولة الاحتلال من التعامل معه، او التخلص منه نهائیا.

 
ولفت معد الدراسة، البروفسور افرییم عنبار الذی یدرس العلوم السیاسیة فی جامعة بار ایلان، ومدیر مرکز بیغن ـ السادات للدراسات الاستراتیجیة، الى انّه خلال عملیة الرصاص المصبوب فی شتاء العام 2009 أثبتت المقاومة الفلسطینیة قدرتها على إطلاق الصواریخ باتجاه جنوب "إسرائیل"، على الرغم من القصف الصهیونی المکثف، وهذا الامر، برأیه، لا یُبشّر خیرا.

کما أشار الى انّ حرب الاستنزاف بین الاحتلال والمقاومة تحوّلت الى حرب استنزاف حقیقیة بین الاحتلال وبین حرکة‌ المقاومة الاسلامیه حماس السیاسیة، بعد ان سیطرت الحرکة على مقالید الحکم فی القطاع فی تموز (یولیو) من العام 2007، مؤکداً على انّه بعد عملیة الرصاص المصبوب باتت المقاومة تطلق الصواریخ بکمیة قلیلة، وفی المقابل یرد الاحتلال بعملیات عسکریة محدودة، الأمر الذی یؤکد وجود میزان رعب بین الطرفین.

وقال انّه فی شهر تشرین الثانی (نوفمبر) من العام 2009 قامت المقاومة بإجراء أول تجربة لصاروخ مطور یصیب قلب تل أبیب، مفترضا انّه فی حال تجدد القتال فانّ المقاومة لن تتورع عن استخدام الترسانة العسکریة التی تمتلکها وتقصف مرکز دولة الاحتلال بالصواریخ التی تصل برأیه الى منطقة غوش دان، بما فی ذلک تل أبیب والى مطار بن غوریون الدولی، وأیضا قواعد جیش الاحتلال فی الجنوب، مشیرا الى انّ المقاومة تستغل بشکل لافت للغایة ما یسمى بالتهدئة لمواصلة تسلحها ومواصلة تدریب عناصرها استعدادا للمواجهة القادمة.

ورأى البروفسور عنباری انّ العملیات العسکریة المحدودة التی قام بها جیش الاحتلال لم تعد بأی نتائج تذکر، وانّ الهدف من ذلک کان تحسین قوة الردع الصهیونیة فقط، وزاد انّ رد الفعل "الاسرائیلی" المحدود على الاستفزازات التی قامت یبها حرکة حماس منذ مطلع العام 2001 وحتى عملیة الرصاص المسبوک تمّ تفسیره فی الجانب الاخر على انّه ضعف صهیونی من ناحیة، ولکن الأهم من ذلک، بحسب الدراسة، هو انّ  المقاومة رأت فی الرد الإسرائیلی المحدود تعبیراً عن خوف القیادة من المواجهة الکبرى لانّ الاحتلال فقد قدرته ورغبته على الدخول فی معارک طولیة.

کما أشار الباحث الصهیونی الى انّ حکومة الاحتلال لم تقم بتجهیز الجنوب بآلیات دفاعیة، وفقط بعد التدخلات السیاسیة والمحکمة العلیا الصهیونیة وافقت الحکومة على بناء غرف محصنة فی المستوطنات الجنوبیة.

ولکن بموازاة ذلک، اکد الباحث، على انّه حتى الآن، لم یُحدد جیش الاحتلالخطته فی کیفیة الدفاع عن المواطنین، لافتاً الى انّ قضیة القبة الحدیدیة ما زالت تراوح مکانها. کما تطرقت الدراسة الى سلم الاولویات لدى حکومة الاحتلال، اذ انّها اثبتت مرة تلو الاخرى انّ القصف الصاروخی على جنوب دولة الاحتلال لیس خطیرا، وبالتالی رفضت جمیع الحکومات تخصیص المیزانیات لحمایة "الاسرائیلیین" فی الجنوب، لانّها لم ترغب فی تغییر سلم الأولویات بالنسبة لتوزیع میزانیة الامن.

مضافاً الى ما ذُکر، قالت الدراسة أیضا، انّ قضیة الصواریخ باتت تشکل عبئاً على دولة الاحتلال منذ العام 2004، وهی التی سببت إضرارا کبیرةً للاحتلال، وفی مقدمتها فقدان الأمن الشخصی والجماعی، ودخول الاحتلال فی ازمة اقتصادیة خانقة، الامر الذی دفع الحکومة الى انتهاج خطة تقشف اقتصادی نجحت، ولکن على حساب عدم تخصیص المیزانیات للسکان "الإسرائیلیین" فی الجنوب للدفاع عن أنفسهم فی حرب الاستنزاف المقاومة.

فتوقع الباحث عنباری انّ حرب الاستنزاف التی تمیز الیوم الجبهة الجنوبیة فقط ستتحول قریبا الى حرب استنزاف تشمل دولة الاحتلال برمتها، وذلک على خلفیة تعاظم قوة المقاومة وحزب الله وسوریة، وعلیه فانّ النموذج الصهیونی السابق للتعامل مع حرب الاستنزاف، ایْ التضحیة بالجزء الذی یتعرض لأعمال عدوانیة، لن یستمر لانّ جمیع مناطق الدولة سیتم استنزافها، وبالتالی فانّه یتحتم على المجتمع الاسرائیلی، اذا اراد مواصلة العیش هنا، انْ یُغیّر سلم اولویاته ویتحمل بمجمله نتائج حرب الاستنزاف الجیدة التی ستُفرض علیه.

وخلص البروفسور عنباری الى القول انّ التکتل الاجتماعی وتقاسم الهم داخل روافد المجتمع الاحتلالی لیس کافیاً لمواجهة حرب الاستنزاف القادمة، انّما السؤال الذی سیبقى مفتوحاً: هل المجتمع "الإسرائیلی" على استعداد للتضحیة من اجل منح الجیش القیام بالعملیات العسکریة لمدة طویلة، على حد تعبیره.

المصدر: قدسنا + وکالات
انتهی / شا / 24