الاصطفاف الدولی وراء الجندی الصهیونی!
نواف الزرو
الجندی الإسرائیلی جلعاد شالیط الذی أطلق علیه الجندی الذهبی، فی الأسر الفلسطینی منذ خمس سنوات -أی منذ نحو 1825 یوما-، بینما هناک فی معتقلات الاحتلال العشرات من الأسرى الفلسطینیین أمضوا نحو 12135 یوما وتجاوزوا عملیا تلک المدة الاعتقالیة الأسطوریة التی قضاها ماندیلا فی معتقلات جنوب أفریقیا العنصریة، وتحولوا عملیا إلى ماندیلات یسطرون المزید من الأساطیر الاعتقالیة التی لم یشهد التاریخ لها مثیلا، بل إن فلسطین تشهد أکبر وأضخم وأخطر عملیة اعتقال جماعی فی التاریخ المعاصر، إذ تشیر المعطیات إلى اعتقال نحو ملیون فلسطینی أمضوا نحو ملیون سنة اعتقالیة فی معسکرات الاعتقال الجماعی الصهیونیة.
ورغم المعطیات المرعبة المتعلقة باعتقال فلسطین والشعب الفلسطینی، إلا أن الغرب الاستعماری یصر على أن لا یرى سوى الجندی الصهیونی أسیرا، ویطالب بالإفراج الفوری عنه، بدل أن یطالب بالإفراج عن فلسطین وعن الشعب الفلسطینی برمته، وعن غزة المحاصرة المعتقلة التی تحولت إلى أضخم وأخطر معتقل جماعی على وجه الکرة الأرضیة.
فعلى خلاف کل المواثیق والأعراف والأخلاق الدولیة الأممیة التی تجیز مقاومة الاحتلال، وتطالب بتفکیکه ورحیله، نتابع فی هذه الأیام نفاقا دولیا سافرا لصالح الدولة الصهیونیة.. ولصالح "إطلاق سراح الجندی الإسرائیلی شالیط فورا...!
فهاهو رئیس الوزراء الإسرائیلی نتنیاهو یعلن أنه "یرید لشالیط أن یعود لأسرته فی أقرب فرصة، لکنه شکا من أن الثمن الذی تطلبه حماس مقابل الإفراج عنه باهظ، ویهدد حیاة مئات الإسرائیلیین/ السبت 25/ 06/ 2011"، بینما کان أعلن قبلها أنه "قرر وقف ما أسماه بـ"الامتیازات" للأسرى الفلسطینیین فی السجون الإسرائیلیة، ووقف السماح لهم بالدراسة، وذلک بسبب رفض حرکة حماس السماح للصلیب الأحمر بزیارة الجندی الإسرائیلی الأسیر فی قطاع غزة جلعاد شالیط "وکالات 23/ 06/ 2011"، مضیفا: "سوف نتخذ سلسلة خطوات لتغییر الظروف فی السجن، ولن أعطی تفاصیل لکنی سأعطی مثلا، فقد أوقفت النظام الذی ینطوی على تناقض وبموجبه یتسجل إرهابیون للدراسة الأکادیمیة، ولن یکون هناک بعد الیوم طلبة دکتوراه للإرهاب ولا طلبة ماجستیر للقتل".
وعلى الصعید الدولی، البیت الأبیض یدعو إلى الإفراج فوراً عن الجندی الإسرائیلی الأسیر لدى حرکة "حماس" جلعاد شالیط منذ خمس سنوات- أسرته حماس فی 25 یونیو/ حزیران 2006، من داخل دبابة إسرائیلیة کنت تتمرکز قبالة رفح جنوب قطاع غزة-، وأصدر المتحدث باسم البیت الأبیض جای کارنی بیانا قال فیه "5 سنوات مرت تقریباً على عبور عناصر حماس إلى إسرائیل واختطافهم جلعاد شالیط"، مضیفا "خلال هذا الوقت احتجزته حماس رهینة من دون أن تسمح للجنة الدولیة للصلیب الأحمر بزیارته، فی انتهاک لمعاییر اللیاقة الأساسیة والمطالبات الإنسانیة الدولیة"، متابعا "تدین الولایات المتحدة بأقوى العبارات استمرار اعتقاله وتنضم إلى حکومات أخرى ومنظمات دولیة فی العالم لدعوة حماس إلى إطلاقه فوراً".
والأمین العام للأمم المتحدة بان کی مون یحث من جانبه حرکة حماس على إطلاق سراح شالیط فورا. ویعرب فی بیان له عن دعمه لنداء الصلیب الأحمر الدولی الذی دعا حماس إلى معاملة شالیط معاملة إنسانیة والإثبات أنه على قید الحیاة والسماح لأسرته بالاتصال معه.
والاتحاد الأوروبی یدعو بدوره إلى الإفراج الفوری عن الجندی الإسرائیلی جلعاد شالیط. ویقول القادة الأوروبیون فی بیان مشترک إن "المجلس الأوروبی "منتدى رؤساء الدول والحکومات فی الاتحاد الأوروبی" یعرب عن قلقه البالغ حیال مصیر جلعاد شالیط المسجون لدى حماس فی انتهاک واضح للقانون الإنسانی الدولی"، و"أن المجلس الأوروبی یطالب بالإفراج الفوری عن جلعاد شالیط الذی اعتقل قبل خمسة أعوام تماما"، ووزیر الخارجیة الفرنسی ألان جوبیه یعلن أن فرنسا "لم تنس جلعاد شالیط"، الجندی الإسرائیلی الذی یحمل أیضا الجنسیة الفرنسیة والذی اعتقلته قبل خمس سنوات مجموعة من المسلحین الفلسطینیین على تخوم قطاع غزة. وقال جوبیه فی بیان إنه "عشیة الذکرى الحزینة لمرور خمسة أعوام على أسر جلعاد شالیط أود أن أقول مجددا إن وضع مواطننا، المعتقل فی ظروف لا تراعی أدنى المبادئ الأساسیة للقانون الدولی الإنسانی، مرفوض"، مضیفا "إن جلعاد شالیط هو حتى الیوم الرهینة الفرنسی الذی بقی فی الاعتقال لأطول فترة على الإطلاق".
المستشارة الألمانیة أنجیلا میرکل، والرئیس الفرنسی نیکولا سارکوزی، یطالبان فی مؤتمر صحفی بإطلاق سراح الجندی الإسرائیلی الأسیر فی قطاع غزة، جلعاد شالیط، فورا. "هآرتس-/ 18/ 06/ 2011".
تصوروا إذن حجم النفاق والاصطفاف الأمریکی الأوروبی وراء الدولة الصهیونیة ونتنیاهو فی حکایة الجندی الإسرائیلی الأسیر.. إنهم یصرون على أن یروا بالعیون الصهیونیة فقط، متجاهلین ومتناسین أن دولة الاحتلال فی فلسطین قامت باختطاف أکثر من نصف أعضاء الوزارة الفلسطینیة المنتخبة... وقامت کذلک باختطاف أکثر من ثلث أعضاء المجلس التشریعی المنتخبین، وتقوم باختطاف المواطنین الفلسطینیین من بیوتهم فی نابلس وجنین وطولکرم والخلیل وعلى امتداد المدن والقرى والمخیمات الفلسطینیة وعلى مدار الساعة بلا توقف منذ احتلال أراضی الضفة الغربیة عام 1967.
إلى ذلک اختطفت سلطات الاحتلال قرابة ملیون فلسطینی وزجت بهم فی معتقلاتها منذ عام 1967. وهناک الیوم نحو سبعة آلاف فلسطینی مختطفین فی معتقلاتها، من بینهم عشرات بل ومئات الماندیلات، بل إن تلک السلطات تختطف الشعب الفلسطینی کله، والوطن الفلسطینی بکامله والحقوق العربیة الفلسطینیة کلها، کما تختطف دولة الاحتلال کافة القرارات والمواثیق الدولیة..
فتلک الدولة لدیها فلسفتها الخاصة بها کدولة احتلالیة استعماریة فی حکایة الاختطاف...!
ویصطف العالم الغربی وراء "إسرائیل" بالمطالبة بالافراج عن الجندی الإسرائیلی شالیط....!
فیا له من نفاق ویا له من ظلم وانحیاز مؤدلج لصالح الدولة الصهیونیة!.
ن/25
الصفحات الاجتماعية
instagram telegram twiter RSS