الجمعه 11 ذوالقعدة 1446 
qodsna.ir qodsna.ir

إنجازات !

نقولا ناصر

 

قال عضو اللجنة المرکزیة لحرکة "فتح"، نبیل شعث إن الرئیس محمود عباس سوف یطلع المجلس الثوری للحرکة الذی بدأ دورة اجتماعات له برام الله یوم الأربعاء الماضی على "الإنجازات التی حققتها القیادة مؤخراً" وتفاصیل "البدائل المتاحة" فی هذه المرحلة.

وبغض النظر عن "إنجازات" التأیید الدولی المتزاید لعضویة دولة فلسطین فی الأمم المتحدة، و"العزلة" المتزایدة لدولة الاحتلال الاسرائیلی فی المجتمع الدولی نتیجة لرفضها هذه المبادرة، و"الجرأة" فی اتخاذ قرار یضع منظمة التحریر فی بدایة طریق "قرار وطنی مستقل" حقا عن ارتهان هذا القرار للاملاءات الأمیرکیة – الاسرائیلیة کما کان الحال طوال عقدین من الزمن، و"تحدی" هذه الاملاءات بتوقیع اتفاق للمصالحة الوطنیة مع حرکة وطنیة تصنفها هذه الاملاءات "إرهابیة" حتى ولو ظل هذا الاتفاق بانتظار قرار أجرأ بالتحرر نهائیاً منها من أجل تنفیذه، فإن "الإنجازات" الوحیدة التی تحققت على الأرض کانت إسرائیلیة فقط، وبامتیاز.

لقد أعلنت حکومة دولة الاحتلال برئاسة بنیامین نتنیاهو خلال الشهر الحالی عن إقامة مستعمرة "جفعات هاماتوس" (خربة طبالیا بجوار بیت صفافا) فی جنوب القدس المحتلة عام 1967 کأول مستعمرة استیطانیة جدیدة فی المدینة المقدسة منذ أن بنى رئیس وزراء دولة الاحتلال نفسه فی ولایته الأولى مستعمرة "هار حوما" (جبل أبو غنیم) فی جنوبها أیضا عام 1997. وخلال العام الماضی أعلنت حکومة نتنیاهو عن بناء أکثر من خمسة آلاف وحدة استیطانیة جنوبی المدینة، منها ألفا وحدة لتوسیع مستعمرة "غیلو" باتجاه الولجة وبیت جالا الفلسطینیتین، وألف وحدة لتوسیع هارحوما باتجاه بیت ساحور، ومؤخراً أعلنت عن بناء أکثر من ألفی وحدة للربط بین مستوطنتی هارحوما وغیلو. وفی یوم الثلاثاء الماضی أعلن وزیر داخلیة نتنیاهو، ایلی یشای، فی اجتماع للجنة الإسکان انعقد فی القدس عن خطة لبناء ملیون وحدة استیطانیة جدیدة خلال السنوات العشر المقبلة، ومع أنه لم یعلن حصة القدس منها فإن الأولویة التی تحتلها القدس فی المخططات االصهیونیة للاستعمار الاستیطانی تجعل من شبه المؤکد أن تکون هذه الحصة هی الأکبر.

وهذه الهجمة الاستیطانیة الجدیدة على القدس من أجل استکمال تهویدها ترکز الأنظار الفلسطینیة على حقیقة أنه خلال العشرین عاما الماضیة من "استراتیجیة السلام" التی انتهجتها قیادة منظمة التحریر الفلسطینیة لم یتحقق أی إنجاز سیاسی فلسطینی خارج الوطن المحتل یمکن أن یعتبر إضافة إلى ما کانت المقاومة الفلسطینیة قد حققته قبل أن تتبنى منظمة التحریر هذه الاستراتیجیة، بینما تضاعف عدد المستعمرات الاستیطانیة وعدد مستوطنیها أکثر من ثلاث مرات فوق الأرض المحتلة، وبخاصة فی القدس، بفضل هذه الاستراتیجیة باعتباره "الإنجاز" الوحید الذی تحقق على الأرض.

لقد کشف عباس عن "ورشة عمل" تعقدها قیادته مع المجلس الثوری لفتح للبحث عن إجابة على سؤال: إلى أین؟ ومع أنه لم یفصح عن "البدائل المتاحة" فی جعبته، ولا عن "شیء مهم جدا وخطیر جدا" قال إنه "لن یقول ما هو" الآن، فإن المواطن الفلسطینی لا یجد فی هذا "التشویق" الدرامی ما یشده لا لمتابعة ورشة العمل ولا للاجتهاد فی معرفة ما هو الأمر "الخطیر جداً" الذی یضمره ولا للمشارکة فی البحث عن "بدائل" فی إطار "استراتیجیة السلام" إیاها التی لم یعد لدى هذا المواطن أی شک فی فشلها وعقمها و"عدم إنجازها" بعد أن منحت مهلة أکثر من کافیة لإثبات جدواها لم یتمخض عنها سوى "إنجازات" مادیة للاستعمار الاستیطانی على الأرض ترسخ الاحتلال، وتطیل عمره، وترسم عملیا حدود الدولة المأمولة، وحدود القدس، وتفرض حقائق مادیة على الأرض تفرض بدورها على العالم الاعتراف بها، کما تعترف الولایات المتحدة وأوروبا وبقیة المجتمع الدولی بمبدأ "تبادل الأراضی" على أساسها باعتباره مرجعیة لترسیم الحدود.

فهذا المواطن یدرک تماماً أن إستراتیجیة السنوات العشرین المجدبة المنصرمة قد استهلکت ذاتها ولم یعد یتوقع منها أی أسرار هامة وخطیرة، ویدرک أن البدیل المجدی والجدی والهام المستحق حالیاً هو إحالتها إلى متحف التاریخ والبحث عن استراتیجیة وطنیة بدیلة لها.

وحدس المواطن العفوی لا یخذله فی الإجابة على سؤال "إلى أین" من هنا، فهو لیس بحاجة إلى ورشات عمل تطحن الماء، فهی إجابة یلهج بها کل لسان فلسطینی حتى بحت أصوات الاجماع الوطنی وهی تصرخ بها، وقد أشار المواطن الفلسطینی أسعد زیاد علیان مرشود المقیم بشارع الشیخ الشهید أحمد یاسین فی حی الزیتون بقطاع غزة إلى بدایة الطریق بالدعوة التی وجهها الى "الرئیس محمود عباس ورئیس الوزراء إسماعیل هنیة" للقاء على وجبة غداء فی بیته یوم الثلاثاء الماضی للتفاهم على إجابة موحدة.

وإذا لم تکن دعوة "أبو زیاد" غیر مقنعة ویمکن أن یعتبرها المخضرمون فی الواقعیة التفاوضیة مثالیة عفویة، فإن دعوة وزیر خارجیة دولة الاحتلال الذی "یستوطن" إحدى مستعمرات الضفة الغربیة، أفیغدور لیبرمان، إلى اعتبار الرئیس عباس "عقبة فی طریق السلام یجب إزالتها"، هی دعوة صریحة إلى تکرار جریمة "إزالة" سلفه الراحل یاسر عرفات وینبغی أن تکون مقنعة لمنظمة التحریر ورئاستها وقیادتها وسلطتها وحرکة "فتح" المفترض أنها تقود کل هؤلاء کی یبحثوا جمیعهم عن استراتیجیة بدیلة عمادها الشراکة الوطنیة فی مقاومة الاحتلال بدیلا للشراکة الحالیة مع الاحتلال وراعیه الأمیرکی فی "عملیة سلام" ثمنها الانقسام الوطنی ورأس المقاومة الفلسطینیة وتهوید المزید من أرض الوطن وتآکل القضیة الوطنیة، وکی یتوقفوا نهائیا عن البحث عن "البدائل المتاحة" ضمن استراتیجیتهم القدیمة التی استنفذت کل بدائلها.

ویجب ألا ینخدعوا بمعسول کلام ممثل الرباعیة الدولیة تونی بلیر الذی لم یکن یستهدف سوى استمرار التزامهم بتلک الاستراتیجیة کی یستمروا فی الحرث فی بحر "عملیة السلام" الأمیرکیة – الاسرائیلیة عندما رد على لیبرمان بإغداقه المدیح على عباس باعتباره "رجل سلام، ولاعباً أساسیاً وشریکاً فی عملیة السلام" وبأنه "صادق وجدی فی جهوده ومسعاه للسلام" قبل أن یدعی قائلاً: "نحن جمیعاً ندعم وبقوة جهوده والتزامه بالسلام وبناء الدولة الفلسطینیة"، فبلیر ومن یمثلهم قد أثبتوا وما زالوا کل یوم یثبتون بأنهم لا یدخرون شیئا فی وسعهم لإجهاض مسعاه حتى یستسلم تماما لاملاءاتهم، أو "یزیلونه" کما أزالوا سلفه.

فی کلمته أمام المجلس الثوری لفتح الأربعاء الماضی قال الرئیس عباس إن الولایات المتحدة "استعملت نفوذها لدى العالم" لإجهاض مسعاه لاعتراف مجلس الأمن الدولی والأمم المتحدة بدولة فلسطین، ومع ذلک خلص إلى أن "أمیرکا صدیقتنا"، وأن اختلافه معها "هذه المرة" لا یعنی "فراقا" معها، وتکرر توصیفه للمقدمات الصحیحة والخروج بنتائج لا تتفق معها فی الموقف من "الرباعیة الدولیة"، ومن "أشقائنا" العرب الذین وقفوا موقف الولایات المتحدة من مسعاه، قبل أن یضیف بأن لا تغییر فی موقف الاتحاد الأوروبی، وأن "القضیة الفلسطینیة لم تتغیر" والعرب کذلک "لم یتغیروا، لا مسؤولین ولا شعب" بعد الربیع العربی، ومع ذلک لم یشر حتى إشارة الى ضرورة حدوث تغییر فی تحالفاته الدولیة والاقلیمیة والعربیة نتیجة لذلک، لتظل القضیة الوطنیة أسیرة "استراتیجیة السلام" القدیمة إیاها. وبالرغم من کل ذلک، کان عباس فی کلمته صادقا عندما لم یتحدث عن أی "إنجازات".

لکن بصیص الأمل الوحید فی کلمته کان إشارة بحاجة إلى تطویر وقرار حاسم لإنجاز الوحدة الوطنیة فی أسرع وقت ممکن عندما قال إن الاجابة على سؤال الى أین نحن ذاهبون سوف تکون "أحد المواضیع التی سنبحثها مع أخینا خالد مشعل، باعتباره قائد حماس". والاجابة على هذا السؤال ستکون هی الفاصل والفیصل بین استراتیجیتین، ومدخلا للشراکة الوطنیة فی الاجابة علیه هو بالتأکید بدایة مسیرة الألف میل بخطوة واحدة حاسمة تؤهل الوضع الفلسطینی لتحقیق إنجازات حقاً.

ن/25

 


| رمز الموضوع: 143321







الصفحات الاجتماعية
instagram telegram twiter RSS
  1. صنعاء تستهدف "بن غوريون" بصاروخ باليستي فرط صوتي.. وتُهاجم هدفاً في يافا المحتلة
  2. كتائب القسام توقع قوة إسرائيلية في حقل ألغام.. وجنود الاحتلال بين قتيل وجريح
  3. المشّاط للإسرائيليين: لا تراجع عن إسناد غزّة.. الزموا الملاجئ ردّنا سيكون مزلزلاً
  4. الإدارة الأميركية ترضخ.. القوات اليمنية تستفرد بالعدو الصهيوني
  5. انصار الله: إعلان ترامب فشل لنتنياهو
  6. سرايا القدس تسيطر على مُسيرة إسرائيلية شرق مدينة غزة
  7. العدوان الإسرائيلي على مطار صنعاء الدولي.. هجوم استعراضي موجه للداخل الصهيوني
  8. عدوان أمريكي إسرائيلي غاشم على اليمن بعشرات الطائرات
  9. وزير الخارجية الإيراني: الدعم القاتل لإبادة نتنياهو الجماعية في غزة، وشن الحرب نيابةً عنه في اليمن، لم يُحققا شيئاً للشعب الأميركي
  10. طهران ترفع الستار عن وثائقي للمقاومة في فلسطين وايرلندا
  11. حكومة الاحتلال تقرّر توسيع الحرب على غزة رغم التحذيرات
  12. وزير العلوم الإيراني: الرأي العام العالمي لا يعترف بالكيان الصهيوني
فيديو

وكالةالقدس للأنباء


وكالةالقدس للأنباء

جميع الحقوق محفوظة لوکالة القدس للأنباء(قدسنا)