اعتقالُ الأطفال خروقاتٌ قانونیة وإنسانیة
وکالة القدس للانباء(قدسنا) تعددت سیاسات الاحتلال فی إفراغ مدینة القدس والسیطرة على أهلها ومن أبرز تلک السیاسات هی حملات الاعتقال التی تنفذها سلطات الاحتلال داخل المدینة وهذه الحملات التی لا تفرق بین کبیر أو صغیر.
فاعتقال الأطفال فی مدینة القدس قضیة أخرى تختلف عن قضیة اعتقال الشبان والکبار لما فیها من انتهاک للحقوق العالمیة والقوانین العامة الداخلیة منها أو الخارجیة .
انتهاک کبیر فی اعتقال الأطفال محامی مؤسسة الضمیر الأستاذ محمد محمود أوضح أن هناک انتهاکات کبیرة فی موضوع اعتقال الأطفال، وأول هذه الانتهاکات هی التحقیق معهم من دون إخبار العامل الاجتماعی أو حتى من غیر استشارة قانونیة من قبل المحامی.
ویضیف فی حدیثه لمراسل "فلسطین الآن" : حتى إن الاحتلال لا یملک محققین مختصین للتعامل مع الأطفال مما یزید الانتهاکات بحقهم کما یتم تصویر وتسجیل التحقیق وهذا أمر غیر قانونی .
ویبن محمود أنه وبحسب القانون الإسرائیلی ففی حال اعتقال أی طفل یجب إخبار الأهل بشکل فوری وإعطائهم نسخة من قرار الاعتقال وإبلاغهم عن مکان احتجاز ابنهم، إلا أن هذا الأمر لا یتم فالکثیر من الأطفال یتم اعتقالهم من أمام منازلهم أو مدارسهم دون قرار إعتقال أو حتى دون إبلاغ الأهل.
وبحسب المحامی محمود فإن "قانون الأحداث " وتحدیدا البند التاسع یتحدث عن هذا الأمر حیث ینص على أن کل قاصر لم یبلغ 14 عاما تکون ساعات التحقیق معه بین 7 صباحا حتى 8 لیلا، وکل قاصر بین 14-18 تکون ساعات التحقیق بین 7 صباحا -10 لیلا" وهذا الأمر غیر متبع فی غرف التحقیق وخاصة غرف رقم 4 فی مرکز تحقیق المسکوبیة.
ویشیر المحامی محمود إلى البند 9 " إلى أن أی قاصر یشتبه بقیامه بأی مخالفة یجب استدعائه للتحقیق ویکون التحقیق بوجود أحد الوالدین" ویکمل "إضافة إلى أن البندین 9 و3 یشیران إلى انه فی حال اعتقال قاصر بقرار من الضابط للاشتباه به فیجب فی هذا الحالة أن یتم إخبار ضابط السلوک "العامل الاجتماعی" فور الاعتقال للتعامل مع حالة الطفل " ویوضح محمود انه بحسب القانون الإسرائیلی أی قاصر (عمره بین 14 -18 عاما) یجب إحضاره للمحکمة خلال 24 ساعة، وأی قاصر عمره اقل من 14 یجب إحضاره للمحکمة خلال 12 ساعة، بحیث لا یتم تقیید القاصر إذا کان بالاستطاعة الحفاظ على الاعتقال، کما أن الطفل الذی عمره اقل من 12 عاما "أقل من جیل المسؤولیة" یمنع اعتقاله تحت أی سبب، إلا أننا نرى اعتقالات لأطفال بعمر "8-12 سنة" وهذا منافٍ للقانون وللإنسانیة.
وأشار المحامی أن سلطات الاحتلال تحاول تجاوز هذا الاستثناءات والخروق عن طریق تحولها إلى قاعدة فی مدینة القدس.
الخروق الإنسانیة فی اعتقال الأطفال من جهته أوضح المحامی فی مؤسسة المیثاق یاسین غیث أن مؤسسته کانت قد أصدرت تقریر تتحدث فیه عن الانتهاکات الإنسانیة بحق الأطفال المعتقلین حیث أن هناک الکثیر من الانتهاکات التی تقع على الطفل أثناء الاعتقال من أبرزها منع الأهالی من مرافقة أبنائهم خلال التحقیق کما أنهم یحرموا من الحقّ فی استشارة محامٍ قبل بدء التحقیق معهم، إضافة إلى الحرمان من النوم ومن ناحیة أخرى یتم إجبارهم بالقوة للتوقیع على إفادة مکتوبة باللغة العبریة دون أن یتأکدوا من مطابقة ما کتب فیها مع أقوالهم.
مشیرا إلى أن من أشدّ أنواع الانتهاک التی یتعرض لها الطفل هو الاعتداء الجسدیّ متمثلاً بالضرب العنیف وأحیاناً الضرب بالکهرباء.
وینقل غیث عن روایات بعض الأطفال الذین تم اعتقالهم وإجبارهم على الجلوس أرضاً على رکبهم ووجوههم إلى الحائط، بینما یقوم أفراد شرطة الاحتلال بضربهم کلّما مرّوا من طریقهم.
الطفل محمد الجولانی (15 عاماً) والذی کان قدس اعتقل نهایة العام المنصرم، یقول أنه بعد تعرضه للضرب العنیف من قبل المحققین وإنکاره التهم الموّجهة إلیه، قال له المحققون :"بما أن الضرب لم یأتی بنتیجة، ما رأیک بالصاعقة الکهربائیة ستجعلک تعترف وأنت ترقص".
ویضیف الطفل الجولانی بأن المحقق قام بتوصیل أصابع یدیه وقدمیه بأسلاک کهربائیة ومن ثم صعقه بها فی محاولة لإجباره على الاعتراف ،لافتا إلى انه حتى الیوم یفقد الإحساس بأحد أصابع یده من شدة الصاعقة یومها.
انتهاک حریة الطفل فی الحبس المنزلی الانتهاکات ضد الأطفال فی مدینة القدس لا تقتصر على غرف التحقیق أو طریقة الاعتقال بل أیضا هناک تداعیات وانتهاکات فی العقوبات التی تطلقها المحاکم على هؤلاء الأطفال ومن أبرزها إخضاع الطفل للإقامة الجبریة أو ما یعرف بالحبس المنزلی.
وفی هذا السیاق یبین المحامی مفید الحاج لمراسلنا أن الکثیر منا یعتقد بأن الحبس المنزلی هو حکم أو عقوبة قانونیة، ولکنه فی الحقیقة إجراء غیر قانونی تحاول سلطات الاحتلال تنفیذه على أساس قانونی لتـقیـد حرکة الطفل حتى الانتهاء من الإجراءات القضائیة بحقه وإصدار المحکمة حکمها فی قضیته.
ویشر الحاج أن الفترة التی یقضیها الطفل فی الحبس المنزلی لا تحتسب من فترة الحکم الفعلی الذی یصدر بحقه. وکثیراً ما یترافق الحبس المنزلی مع قیود مشددة، کالمنع مع الخروج إلى المدرسة، أو اشتراط الحبس المنزلی خارج الحیّ الذی یسکن فیه الطفل، وفی بعض الحالات یتم الحبس داخل غرفة واحدة من غرف المنزل یمنع على الطفل الخروج منها.
وأما مدیر مؤسسة القدس للحقوق الإنسان المحامی رامی صالح فیقول عن الحبس المنزلی "إن هذا الإجراء الذی یفترض أن یکون لصالح الأطفال لیشعروا بالأمان فی منزلهم، قد یتحول إلى نقمة، حیث أن هناک العدید من الأطفال یفضلون البقاء داخل المعتقل على الخروج للحبس المنزلی بین أهالیهم وذلک لما له من إثر سلبی على العلاقة بین الطفل وأهله " ویضیف المحامی صالح أن توتر العلاقة بین الطفل وأهله یأتی نتیجة شعور الطفل بأن والدیه هما من یعتقلانه، وأن البیت الذی یفترض أن یکون موقع الشعور بالأمان أصبح هو السجن.
کما یترتب على الحبس المنزلی فی کثیر من الأحیان حرمان الأطفال من حقهم فی التعلیم، وخلق أوقات فراغ طویلة لدیهم لا یعرفون کیف یقضونها".
وکل هذا هو جزء لا یتجزأ من السیاسات التی تبعتها سلطات الاحتلال من أجل نزع الطفل المقدسی من طفولته واعتباره مخرب یجب عقابه فی محاولة منها لنزع روح المقاومة وحب القدس من قلوب هؤلاء الأطفال.
المصدر: فلسطین الآن.
الصفحات الاجتماعية
instagram telegram twiter RSS