الاربعاء 16 ذوالقعدة 1446 
qodsna.ir qodsna.ir

خطط "إسرائیلیة" لمواجهة نتائج الانتخابات الفلسطینیة

وکالة القدس للانباء(قدسنا)  ساهم تسلیط الضوء على التقاریر الإسرائیلیة بشأن سیاسة "العصا والجزرة" التی أعلنها وزیر الحرب أفیغدور لیبرمان، من أجل محاولة الالتفاف على السلطة الفلسطینیة وتشجیع عملیة بروز قیادات مستقلة عنها، فی الآونة الأخیرة، فی حجب الأنظار عن المداولات المتکررة لدى قیادة جیش الاحتلال ووزارة الحرب، فی شأن متابعة أدق تفاصیل الانتخابات البلدیة المزمع إجراؤها فی الثامن من أکتوبر/تشرین الأول المقبل، فی الضفة الغربیة وقطاع غزة. ویجری البحث والتدقیق أیضاً فی هویة وطبیعة المرشحین للرئاسة الفلسطینیة، فی المستقبل، لا سیما الأشخاص المستقلین کلیاً عن کل من حرکتی فتح وحماس. ویحصل کل ذلک داخل أروقة سلطات الاحتلال ضمن خطة لتعزیز الدعایة التی أطلقها لیبرمان تحت شعار التخلص من "السلطة الفلسطینیة الحالیة" والإتیان بقیادات بدیلة.

ویرى بعض المحللین والمراقبین، فی الصحف الإسرائیلیة، مثل ألیکس فیشمان، وناحوم برنیع، وعاموس هرئیل، أن کل الخطط التی کان یطمح لیبرمان إلى تطبیقها تحت شعار التخلص من سلطة الرئیس محمود عباس (أبو مازن)، کانت قائمة قبل تولیه وزارة الحرب. وکانت تدرج أصلاً تحت شعار "یوم ما بعد عباس"، وتحت شعار أطلقه وزیر الحرب السابق، موشیه یعالون، من أجل "الفصل بین روتین الحیاة العادیة للسکان الفلسطینیین غیر المنخرطین فی عملیات الانتفاضة وبین مواجهة الانتفاضة ومنفذی العملیات وضرب عائلاتهم". وهذه الخطط تلحظ أیضاً تشدید الحصار على البلدات التی یخرج منها منفذو العملیات، لا سیما فی محافظة الخلیل.

وأشار فیشمان، فی تقریر موسع نشره یوم الجمعة بمناسبة انقضاء عام ونصف على تولی الجنرال غادی أیزنکوت رئاسة أرکان جیش الاحتلال الإسرائیلی، إلى أن هیئة الأرکان هذه، ومنذ قرار حرکة حماس بخوض الانتخابات البلدیة فی الضفة الغربیة، تجری مداولات متواصلة لمتابعة ما یحدث فی هذه المناطق الفلسطینیة المحتلة. وتستعد للسیناریوهات التی ستخلفها نتائج الانتخابات مع ترجیح واضح لفوز مرشحین محسوبین على "حماس" فی عدد کبیر من المجالس البلدیة، وفق الکاتب. وأضاف أن هناک حدیثاً عن احتمالات فوز مرشح مقرب من "حماس" فی رئاسة بلدیتی قلقیلیة ونابلس، ما من شأنه أن یغیر کلیاً الحالة الاستراتیجیة لإسرائیل على خطوط التماس مع الخط الأخضر، کون قلقیلیة لا تبعد سوى کیلومترات معدودة عن مدینة کفار سابا فی الداخل المحتل.

وذکر فیشمان فی هذا السیاق أن قیادة الجیش تدرک أنها قد تضطر إلى "سحب الخطط والبرامج المعدة مسبقاً" إذا جاءت نتائج الانتخابات مطابقة لهذه المخاوف، أو إذا تحولت الانتخابات الفلسطینیة إلى ساحة مواجهات دمویة داخلیة وفوضى. وفی هذه الحالة ستضطر إسرائیل إلى تحدید موقفها وردة فعلها على تطورات کهذه، بحسب فیشمان الذی کشف أن السؤال المرکزی الذی یطرح فی مداولات هیئة الأرکان ووزارة الحرب الإسرائیلیة ومجلس الأمن القومی، یتمثل فی معرفة ما إذا کان سیتوجب على إسرائیل التدخل أم السعی للعمل على إلغاء الانتخابات الفلسطینیة وتأجیل موعدها؟ على أیة حال، تنوی قیادة الاحتلال إبقاء "عینها مفتوحة" على المخططات المعدة مسبقاً والجاهزة لمواجهة حالة اندلاع مواجهة شاملة فی الضفة الغربیة، وهی مخططات کان جیش الاحتلال قام العام الماضی بتدریبات لمواجهتها، وفق تقریر فیشمان.

ومع أن إسرائیل الرسمیة لا تبدی أی موقف علنی من الانتخابات الفلسطینیة، إلا أن البعض یحذر من احتمال قیام أجهزة الاحتلال بتحرکات، من وراء الکوالیس، تهدف إلى الدفع بمرشحین تکون مهمتهم توتیر الأجواء الداخلیة فی فلسطین وتأجیج المنافسة الانتخابیة وصولاً إلى إثارة حالة فوضى عارمة، تکون إسرائیل المستفید الأول منها. هکذا ستقول سلطات الاحتلال إن الفوضى المحتملة هی دلیل على غیاب حکم فلسطینی مرکزی فی الضفة الغربیة، وغیاب شریک فلسطینی لأی تسویة مستقبلیة.

فی المقابل، أشارت تقاریر إسرائیلیة أخیراً إلى أن اللیونة التی یبدیها لیبرمان فی کل ما یتعلق بإقرار مشاریع بنى تحتیة فی مدن وبلدات فلسطینیة، والتی تهدف ضمناً إلى الالتفاف على السلطة الفلسطینیة، باتت تساهم الیوم فی الواقع، بتعزیز مکانة هذه السلطة، ولو مؤقتاً، لسد الطریق أمام فوز "حماس" فی هذه الانتخابات.

أما فیما یتعلق بالخطوات الأخیرة التی أعلنها منسق أعمال الحکومة الإسرائیلیة فی الأراضی الفلسطینیة المحتلة، الجنرال بولی مردخای، ومن ضمنها فتح صفحة تواصل مباشرة مع السکان الفلسطینیین فی السابع من شهر أغسطس/آب الجاری، فهی لا تعدو کونها استمراراً لنهج الإدارة المدنیة ومنسق أعمال الحکومة الإسرائیلیة، فی العامین الماضیین، بالانفتاح على "السکان" بشکل مباشر.

 تجدر الإشارة إلى أن هذا الانفتاح الواسع أبدته السلطة الفلسطینیة نفسها تجاه "دیوان" مردخای، حین توجهت إلیه فی قضایا کثیرة. وتوج الانفتاح برسالة الشکر التی وجهها الوزیر الفلسطینی، شکری بشارة، لوزیر المالیة الإسرائیلی موشیه کاحلون، فی 25 فبرایر/شباط الماضی، لتسهیل عملیة تحویل استحقاقات السلطة الفلسطینیة من الضرائب، وختمها بشارة برجاء نقل تحیاته لمردخای. إلى ذلک، فقد شجعت السلطة الفلسطینیة، فی سیاق محاولات بناء الاقتصاد الوطنی فی الضفة الغربیة، وتشجیع التعاون الاقتصادی مع إسرائیل، عدداً کبیراً من رجال الأعمال الفلسطینیین، لا سیما المقربین منها والذین یدورون بفلکها، على تعمیق الاتصالات مع الجهات الإسرائیلیة (التجاریة والاقتصادیة) المختلفة، علماً بأن هذه الاتصالات ما کانت لتتحقق بدون عبورها بمکتب مردخای.

وقد ساعد هذا الانفتاح الفلسطینی على هدم وتقویض محاذیر التعاون مع الاحتلال. وإذا کانت السلطة نفسها وأجهزتها الأمنیة تنسق مع الإسرائیلیین وتسلمهم مطلوبین لهم من عناصر المقاومة، فکیف لها أن تمنع رجال الأعمال والشخصیات البارزة الأخرى من التعامل مع مؤسسات الاحتلال، بعدما مهدت لهم الطریق؟ وساهم هذا الانفتاح غیر المضبوط فی خلق حالة بلبلة وفوضى فی کل ما یتعلق بالتعامل مع الاحتلال، لا سیما أن رموز هذا التعامل حافظوا على علاقاتهم الجیدة مع وزارات ومسؤولی السلطة الفلسطینیة، وبالتالی فإن السلطة تحصد الیوم ما کانت زرعته فی الأعوام الأخیرة.

على الرغم من کل ذلک، فإن وقع الانتخابات البلدیة وما تشهده الضفة الغربیة من حالة غلیان، یعززان لدى الاحتلال الإسرائیلی الاعتقاد بأن السلطة الفلسطینیة، التی سبق أن نعاها کثیرون، قد تبقى البدیل الأفضل من أی مشهد سیاسی فلسطینی مقبل، قد یزید من متاعب الاحتلال ویذهب فی الضفة الغربیة إلى حالة مواجهة شاملة معه. وعلیه یمکن القول إن المخاوف الإسرائیلیة لا تقف عند حد انتصار مرشحی "حماس" فی الانتخابات البلدیة، وإنما تتجاوز ذلک لجهة محاولة استشراف نتائج ذلک، وانعکاس انتصار کهذا على مستقبل السلطة الفلسطینیة، فی سیاق الاتجاه نحو المطالبة بانتخابات فلسطینیة عامة لرئاسة السلطة، تمهیداً لبسط سیطرة "حماس" لاحقاً على منظمة التحریر ومؤسساتها.

ومع أن إسرائیل تکتفی حالیاً بموقف معلن بعدم التدخل الفعلی، إلا أنها قد تتدخل لجهة إشاعة الفوضى والتقاتل الداخلی فی الأیام التی تسبق الانتخابات، لا سیما فی القرى والبلدات الصغیرة الواقعة ضمن المنطقتین "باء" و"سین"، حیث لا سلطة حقیقیة للحکومة الفلسطینیة، وحیث یتحرک الجیش الإسرائیلی وعناصر الاستخبارات الإسرائیلیة "الشابک"، بحریة کبیرة فی هذه البلدات. وقد یکرر هؤلاء نفس الدور الذی لعبه أسلافهم فی إشعال الفتنة الأولى بین حرکتی حماس وفتح عام 1993 فی غزة. وهدف ذلک یتمثل فی الوصول إلى وضع یسمح لإسرائیل بإلغاء الانتخابات فی هذه القرى تحت ذریعة ضبط الأمن ومنع الفوضى الأمنیة فی المناطق الخاضعة لسیطرتها الأمنیة بموجب اتفاقیات أوسلو (1993).

فلسطین الیوم


| رمز الموضوع: 150978







الصفحات الاجتماعية
instagram telegram twiter RSS
فيديو

وكالةالقدس للأنباء


وكالةالقدس للأنباء

جميع الحقوق محفوظة لوکالة القدس للأنباء(قدسنا)