الاثنين 24 جمادي الثانية 1447 
qodsna.ir qodsna.ir

فوز ترامب وما یخبّئه من عواقب على "إسرائیل"

وکالة القدس للانباء(قدسنا) کتب حلمی موسی: خرج الیمین "الإسرائیلی" عن طوره مهللا فرحا بفوز دونالد ترامب فی الانتخابات الرئاسیة الأمیرکیة. وجاءت الفرحة بسبب تصریحات ومواقف ترامب التی أعلنها سواء لجهة نقل السفارة الأمیرکیة من تل أبیب إلى القدس أو لجهة عدم اعتراضه على الاستیطان فی الضفة الغربیة.

وقفز هؤلاء عن طبیعة ترامب الانتهازیة والمتقلبة والتی تنطوی على خطر شدید أیضا بالنسبة لإسرائیل. فترامب، رغم کل تصریحاته، لن یقدم لإسرائیل فی مجال المعونة العسکریة والدعم الاستراتیجی أکثر بکثیر مما قدم باراک أوباما أو مما کان یمکن لمنافسته، هیلاری کلینتون أن تقدمه.

وهناک من یعتقد أن ترامب سوف یختلف عن کل الرؤساء الأمیرکیین الذین وعدوا بنقل السفارة من تل أبیب إلى القدس ولکنهم امتنعوا فعلیا عن ذلک فور تولیهم الرئاسة. ولکن حتى لو عمل ترامب على تحقیق وعوده لإسرائیل بنقل السفارة وتأیید الاستیطان وقتل حل الدولتین، فإن الکثیر من الإسرائیلیین یؤمنون أن فی ذلک نهایة لفکرة الدولة الیهودیة.

فانتهاء حل الدولتین یعنی، بالضرورة، العودة لحل الدولة الواحدة فی ظل انعدام فرص دیمومة الوضع القائم. وفی کل حال فإن افتتاحیة «هآرتس» حذرت من أن «مصالح اسرائیل غیر مرتبطة فقط بسیاسة الولایات المتحدة او برئیسها. فإسرائیل تقیم شبکة علاقات متفرعة وحیویة مع الاتحاد الاوروبی، مع حلفائها فی العالم العربی، وعلیها أن تعمل اساسا من اجل جودة الحیاة وجودة الدیموقراطیة فی اراضیها. اما تعلیق سلوکها الدولی والمثیر للحفیظة بتسویغ یمنحه لها ترامب فمن شأنه ان یعرض للخطر الاساسات الجوهریة الثابتة لطبیعتها ولجوهرها».

وحذرت من أن «السلام بین اسرائیل والفلسطینیین لیس موضوع للإدارة الامیرکیة. ومساعی الرئیس باراک اوباما لتحقیق الحل السیاسی جاءت من اجل اسرائیل اکثر بکثیر منها من أجل المصلحة الامیرکیة. وقد صدت هذه المساعی وافشلت ایضا لان حکومة اسرائیل رأت فیها ضررا، من شأنه ان یقوض تحقق الایدیولوجیا المسیحانیة المتطرفة، التی هی سیاسة حکومات نتنیاهو».

وهکذا هناک من یرى فی فرحة الیمین نذیر شؤم ویتمنون من کل قلوبهم أن لا یحقق ترامب وعوده هذه وأن یواصل السیاسة التی انتهجها أسلافه. فمن ناحیة أمیرکا مضطرة للترکیز على وضعها الداخلی فی الجانبین الاقتصادی والاجتماعی وهذا یعنی مواصلة سیاسة الانفتاح والعولمة والتماهی مع مصالح دول أخرى. وطبعا بین هذه الدول، بعض الدول العربیة ذات الوزن فی مجال النفط والطاقة، والتی یمکن لمعاداتها أن تجلب الضرر للاقتصاد الإسرائیلی.

وعدا ذلک فإن منطق الانسحاب من العالم قد یجر عواقب خصوصا من الدول الأوروبیة التی رأت فی طروحات ترامب نوعا من المعاداة لها ولم تتردد فی التصدی لها. غیر أن هذا لیس سوى جانب من القصة فی العلاقة الأمیرکیة الإسرائیلیة.

هناک جوانب لا یجری التطرق لها بتوسع حالیا لکنها قد تحتل العناوین لاحقا. بین أبرز هذه الجوانب واقع تناقض رؤیة الإسرائیلیین، خصوصا الیمین، لترامب مع رؤیة الیهود الأمیرکیین. فیهود أمیرکا، وهم الداعم الأکبر لإسرائیل وصحاب التأثیر على السیاسة الأمیرکیة، یرون فی ترامب عدوا. فهو فی نظرهم، لیس فقط مجرد معاد للنخبة، وهم جزء أساسی وفاعل فیها اقتصادیا وثقافیا وسیاسیا، وإنما أیضا معاد للسامیة. صحیح أنه یبحث هنا وهناک عن أمور تقربه من الیهود، مثل بعض صداقاته وزواج ابنته من یهودی، ولکن ترامب قادم من مدرسة خرجت الکثیر من اللاسامیین.

وقد أشارت تقاریر لمؤسسات یهودیة أمیرکیة إلى أن حملة ترامب الانتخابیة أظهرت نوازع المعادین للسامیة وعززت مشاعر الکراهیة المتبادلة بین الأمیرکیین. فترامب ممثل للشرائح الأقل ثقافة وقیما بین البیض فی أمیرکا. وهو حظی بدعم منظمات عنصریة عدیدة بینها الکوککس کلان وأسهم فی إطلاق الحملات على وسائل الإعلام وعلى المختلفین عنه دینا أو لونا أو ثقافة. وکان ضد السود والنساء والمسلمین والهسبان فی أمیرکا.

وهذا ما یخیف الأغلبیة الساحقة من یهود أمیرکا ممن انتعش وجودهم فی ظل الأجواء اللیبرالیة التی لا تمیز بین الناس وفق ألوانهم وأدیانهم. وهنا یبرز أول تناقض جدی بین إسرائیل ویهود أمیرکا. ورغم أن هذا التناقض غیر ظاهر الآن إلا أنه مرشح للظهور فی أقرب وقت خصوصا أن هذه السیرورة قائمة منذ زمن وتشهد على ذلک مشارکة الکثیر من یهود أمیرکا فی حملات مقاطعة إسرائیل خصوصا فی الجامعات.

والأدهى أن هناک بین یهود أمیرکا من یرى أن السیرورة الجاریة أصلا فی إسرائیل، من ملاحقة للإعلام وبث للکراهیة داخل المجتمع هی ما سوف یحدث فی أمیرکا من الآن فصاعدا إذا حقق ترامب وعوده.

ویندفع کثیرون فی إسرائیل وأمیرکا إلى إجراء المقارنة بین نتنیاهو وترامب بوصف الرجلین جاءا من أدنى الحلبة السیاسیة لیحاربان النخبة ویدفعان للتطرف باسم وطنیة أمیرکیة وإسرائیلیة مثار جدل.

وقد ذهب الأمر بألوف بن فی «هآرتس» إلى اعتبار فوز ترامب تأکیدا لمرحلة أسماها «حقبة الهوامش» أو الأطراف. وکتب أن السیاسة تنتمی الیوم للأطراف ولیس للمرکز، وهو ما قاد باراک أوباما للفوز أمام مرشحین جمهوریین وما حدث أیضا فی إسرائیل عندما فاز نتنیاهو على هرتسوغ. واعتبر أن هرتسوغ خسر لصالح نتنیاهو «الذی قام بنشر قصص الکارثة والمطاردة الاعلامیة والعنصریة ضد المواطنین العرب. انجازات نتنیاهو وترامب تؤکد على أن السؤال فی الحملة لیس الکذب أو عدمه، بل متى، وأن الاستطلاعات تجد صعوبة فی تفسیر تصویت المحیط الاجتماعی الذی یحسم الانتخابات وأن المرشح یجب أن یسیطر على البرنامج الیومی الاعلامی ـ حتى لو کان ما یقال عنه سلبیا».


| رمز الموضوع: 151600







الصفحات الاجتماعية
instagram telegram twiter RSS
فيديو

وكالةالقدس للأنباء


وكالةالقدس للأنباء

جميع الحقوق محفوظة لوکالة القدس للأنباء(قدسنا)