qodsna.ir qodsna.ir

لماذا امتنعت امریکا عن التصویت ضد مشروع قرار ادانة الاستیطان؟

وکالة القدس للانباء(قدسنا) لأول مرة منذ 36 عام وبتأييد 14 عضوا وامتناع الولايات المتحدة عن التصويت، اعتمد مجلس الأمن الدولي القرار رقم 2334 الذي كرر مطالبة إسرائيل بأن توقف فورا وعلى نحو كامل جميع الأنشطة الاستيطانية في الأرض الفلسطينية المحتلة بما فيها القدس الشرقية، وهو القرار الذي رحب الفلسطینیین، في وقت أثار سخط إسرائيل والرئيس الأميركي الجديد دونالد ترامب.

الرئیس الامریکی باراک اوباما أقدم فی الایام الاخیرة من حکمه علی خطوة جریئة وهو الامتناع عن استخدام الفيتو بمجلس الأمن ضد مشروع قرار بشأن الاستيطان الاسرائیلی. وكان مشروع القرار قد تبنى تقديمه لمجلس الأمن كل من نيوزيلندا وماليزيا وفنزويلا والسنغال بعد أن قررت مصر بطلب من الرئيس ترامب وبعد ضغوط إسرائيلية سحب مشروع قرار مماثل في وقت سابق.


اهم ما جاء في القرار

وافق مجلس الأمن الدولي مساء الجمعة 23 ديسمبر/كانون الأول 2016 بأغلبية ساحقة على قرار يطالب إسرائيل بوقف الاستيطان في الأراضي الفلسطينية المحتلة. يؤكد القرار عدم شرعية إنشاء إسرائيل للمستوطنات في الأراضي الفلسطينية المحتلة منذ عام 1967 بما فيها القدس الشرقية، ويعد إنشاء المستوطنات انتهاكا صارخا بموجب القانون الدولي وعقبة كبرى أمام تحقيق حل الدولتين وإحلال السلام العادل.

كما طالب القرار بوقف فوري لكل الأنشطة الاستيطانية على الأراضي الفلسطينية المحتلة، وأوضح أن أي تغييرات على حدود عام 1967 لن يعترف بها إلا بتوافق الطرفين. وأكد القرار على التمييز في المعاملات بين إسرائيل والأراضي المحتلة عام 1967.
وصدر القرار بأغلبية 14 صوتا (من أصل 15) وامتناع الولايات المتحدة الأميركية عن التصويت، حيث أصرت إدارة الرئيس باراك أوباما على عدم استخدام حق النقض (فيتو) ضد القرار رغم مطالبة دونالد ترامب بذلك.



لماذا امتنع اوباما عن استخدام الفيتو ضد مشروع القرار بشأن الاستيطان؟

امتناع اوباما عن استخدام الفيتو بمجلس الأمن ضد مشروع قرار بشأن الاستيطان الاسرائیلی یطرح سؤالا هامًا وهو سعی وراء الوصول إلی دلائل امتناع اوباما عن اتخاذ هذا القرار.

فی السنوات الثمانیة الماضیة تعمَّق الخلاف بين الولايات المتحدة برئاسة باراک اوباما ورئيس الوزراء "الاسرائيلي" بنيامين نتنياهو خاصة بعد اتهام الاخر الولايات المتحدة والقوى الدولية بـ "التخلي" عن محاولة منع الجمهوریة الاسلامیة الایرانیة من الحصول على أسلحة نووية. وحاول الطرفان اخفاء الخلافات بینهما لکن بعض تصرفات نتنیاهو ادت الی ظهور هذه الخلافات. وتجلى ذلك في إلغاء نتنياهو زيارة كان يزمع القيام بها إلى واشنطن لإلقاء خطاب أمام المؤتمر السنوي للجنة الشؤون العامة الأميركية الإسرائيلية (آيباك) الاشهر الماضیة.

و قد حاولت ادارة اوباما خلال السنوات الماضیة الجمع بین الفلسطینیین و الاسرائیلیین و تحقیق السلام بینهما لکن اسرائیل و رئیس حکومتها رفضوا تلک المحاولات ما ادی الی نشوب خلافات بین نتنیاهو والادارة الامریکیة برئاسة اوباما. وعلى الرغم من أن إدارة أوباما جددت مراراً وتكراراً التأكيد أن إسرائيل حليف الولايات المتحدة الأوثق، فإن واشنطن وتل أبيب لم يتمكنا من تجاوز الخلاف الذي نشأ بسبب تصرفات نتنیاهو . وقد حاولت إسرائيل الإيحاء بأن لیس لدیها خلاف مع الدیموقراطیین غير أن البيت الأبيض و الدیموقراطیین وجدوا الفرصة مناسبة فی  مجلس الأمن لتوجیه کف رنان على وجه نتنیاهو وذلک رداً علی اسباب متباینة.

أشارت صحیفة نیویورک تایمز إلی هذه القضیة و أکدت: «يعكس قرار الإدارة الأميركيّة، بعدم استخدام الفيتو ضدّ هذا القرار، الإحباط المتراكم تجاه المستوطنات الإسرائيلية. حيث كان قرار الامتناع الأميركي عن التصويت بمثابة كسر لسياسة حماية إسرائيل، طويلة الأمد، من أي قرار أممي يصف المستوطنات بغير القانونية.»

هناک نقطة هامة تتعلق بامتناع ادارة اوباما عن التصویت ضد مشروع قرار ادانة المستوطنات. أولا  یجب القول بأن باراک اوباما یعد من أکثر الرؤساء الامریکیین دعماً للکیان الصهیونی. یتضح هذا الامر من خلال النظر الی ماقام به رؤساء الولایات المتحدة قبل اوباما. ادارة اوباما خلال ثمانیة سنوات رفضت کل القرارات التی اتخذها المجلس الامن ضد اسرائیل و هذا یعتبر انجازاً بالنسبة لهذه الادارة. و فی نفس الوقت أقدم فی الایام الاخیرة من حکمه علی خطوة جریئة وهو الامتناع عن استخدام الفيتو بمجلس الأمن ضد مشروع قرار بشأن الاستيطان الاسرائیلی.

و بالنظر الی ما قام به الرؤساء الامریکیین قبل وصول اوباما الی الحکم نری مدی الصداقة التی تربط باراک اوباما و الکیان الصهیونی و تجعل منه داعماً کبیراً للصهاینة المحتلین. ففی فترة حکم " رونالد ويلسون ريغان" الرئيس الأربعين للولايات المتحدة الأمريكية تم اتخاذ 21 قرار، و فترة حکم "جورج هربرت واكر بوش" 9 قرارات، و فی فترة حکم "ويليام جيفرسون كلينتون"3 قرارات، و فی فترة حکم"جورج والكر (دبيلو) بوش" 6 قرارات، تم اتخاذها ضد الکیان الصهیونی فی مجلس الامن و امتنعت الولایات المتحدة عن استخدام الفيتو ضدّ تلک القرارات. بناء علی هذا یمکن القول بأن  إدارة أوباما لعبت دوراً هاماً في دعم الکیان الصهیونی خلال السنوات الماضیة.

صحیح إن تبني مجلس الامن الدولي لهذا القرار التاريخي و ایضا قرار الإدارة الأميركيّة بعدم استخدام الفيتو ضدّ هذا القرار، يشكل صفعة للكيان الصهيوني المحتل، لکن هذا لم یکن دلیلا کافیاً لاثبات عداوة ابوما للاسرائیلیین. ادارة اوباما کانت لدیها الفرصة المناسبة لوقف أو تقلیص حجم "مساعدات الولايات المتحدة الخارجية لإسرائيل"حليفها في الشرق الأوسط، و بذلک کان بإماکنها منع نشوب النزاعات و الحروب التی قتل فیها العدید من الاطفال و النساء الابریاء فی قطاع غزة، لکنها امتنعت عن اتخاذ هذا القرار.

ختاما یمکن القول إن امتناع الولایات المتحدة الأمریکیة من استخدام الفيتو ضدّالمستوطنات هو تهئیة الظروف اللازمة للرئيس الأمريكي الجديد، دونالد ترامب، لاقامة علاقات اقامة علاقات وطیدة مع الکیان الصهیونی و توسیع العلاقات بین واشنطن و تل ابیب.


 


| رمز الموضوع: 151874