qodsna.ir qodsna.ir

التفاعل الدولي مع القضیة الفلسطینیة؛ الأسباب والأهداف

وکالة القدس للانباء(قدسنا) لایخفی علی المحللين الذين يهتمون بقضایا المنطقة بأن عودة الاوضاع بعد الانتصارات التي حققها محور المقاومة في کل من العراق، و سوریا و الیمن، عادت القضیة الفلسطینیة مرة اخری لتصبح موضع اهتمام الأسرة الدولية.

ثمة الاحداث وتطورات ادت إلی التفاعل الدولي مع القضیة الفلسطینیة یمکن الإشارة إلی البعض منها وهي کالتالي:

-الرئیس الأمریکي المنتخب دونالد ترامب وعد بنقل السفارة الأمریکیة من تل ابیب إلى القدس

-الحکومة الاسرائیلیة وافقت مؤخراً علی إصدار تراخيص بناء وحدات سکنیة جديدة علی الاراضي الفلسطینیة في الضفة المحتلة

-اعتماد مجلس الأمن الدولي القرار رقم 2334 الذي كرر مطالبة إسرائيل بأن توقف فورا وعلى نحو كامل جميع الأنشطة الاستيطانية في الأرض الفلسطينية المحتلة و امتناع إدارة أوباما عن التصويت على مشروع القرار

-استضافة باریس لمؤتمر السلام الذی یؤکد علی الحفاظ علی حل الدولتین

-اعلان طهران عن اقامة المؤتمر الدولي للدفاع عن القدس بدورته الخامسة في شهر مارس

-استمرار الانتفاضة الثالثة و ازدیاد وتیرة العملیات الفدائیة

-إدانات تركيا لعملية القدس و اعتبارها عملیة ارهابیة (عملية القدس التي نفذها الشاب الفلسطيني فادي القنبر في حي "جبل المكبر" في مدينة القدس، وأسفرت عن مقتل اربعة جنود اسرائيليين وإصابة نحو 15 آخرين بجروح خطیرة)

- استضافة روسيا للفصائل الفلسطينية في اطار الجهود التي تبذلها موسكو لاستئناف التسوية السياسية في المنطقة



الاحداث المذکورة اعلاه تعتبر من أبرز التطورات التي کان لها تأثیرا واضحا علی المشهد السیاسي علی الساحة الدولیة، لکن السؤال الاساسي الذي یطرح نفسه هنا هو البحث وراء الاسباب و الاهداف التي تقف رواء هذا التفاعل الدولي مع القضیة الفلسطینیة؟

من أجل الوصول إلی إجابة واضحة أو قریبة لهذه التساؤلات یمکن الاشارة إلی تصریحات وزير خارجية فرنسا، جان مارك إيرولت، الذی أکد بأن حل الدولتين هو الوحيد الذي من الممكن أن يضمن الحقوق المشروعة للفلسطينيين والإسرائيليين. ودعا في كلمة افتتاح مؤتمر باريس لإحياء عملية السلام إلى العمل على إنجاح المؤتمر. کما دعا في مؤتمر صحفی عقده بعد الاجتماع لإحياء "حل الدولتين" قبل فوات الأوان.

نعلم أن حل الدولتين هو حل مقترح لانهاء الصراع الفلسطیني الإسرائيلي. يقوم هذا الحل على أساس دولتين في فلسطين التاريخية تعيشان جنبا إلى جنب، هما دولة فلسطين إلى جانب دولة إسرائيل، وهو ما تم إقراره في قرار مجلس الأمن 242 بعد حرب 1967 وسيطرة إسرائيل على باقي أراضي فلسطين التاريخية.

وفي اتجاه ثاني یعارض هذا المقترح، توجد اطراف أخری تتمثل بمحور المقاومة و علی رأسها الجمهوریة الاسلامیة الایرانیة تؤکد علی قيام الدولة الفلسطينية على أرض فلسطین التاریخیة تحدد القدس عاصمة أبدية لهذه الدولة.

لمعرفة الأسباب و الدوافع الرئیسیة التي دفعت المجتمع الدول إلی الاهتمام بالقضیة الفلسطینیة، یمکننا العودة إلی اصرار باریس علی التأکید لإحياء "حل الدولتين" قبل فوات الأوان.

في الحقیقة و الواقع ان الدول الغربیة قبل عقد من الزمن کانوا یعارضون "حل الدولتين" لإنهاء الصراع الفلسطیني و الاسرائیلي، لأنها وبإصرار من اللوبي الصهیوني في اروبا کانت تؤید دمج الفلسطینیین في دولة یهودیة تقام علی ارض فلسطین التاریخیة. لکن اندلاع الانتفاضة الفلسطينية الأولى، و من ثم الانتفاضة الفلسطينية الثانیة دفع الغربیین إلی اللجوء أو العودة إلی مقترح "حل الدولتين".

نجح الفلسطینیون هذه المرة بفرض  مطالبهم و اجبروا الغربیین للخضوع اضافة إلی انهم تمکنوا من إلقاء الرعب في قلوب الاسرائیلیین في الاراضي المحتلة.  لکن مع بدایة الازمة السوریة عام 2011، و بالتزامن مع ظهور الجمعات الارهابیة و المنظمات التکفیریة في المنطقة، نجت إسرائیل من الخطر و استطاعت اسرائیل ان تسیطر علی الاوضاع في الاراضی المحتلة، لأن دول محور المقاومة انشغلت بصراعاتها مع تلک المنظمات التي ظهرت داخل اراضیها.

أما الان ومع اقتراب نهایة الجماعات التکفیریة والإرهابیة في المنطقة و انتهاء عملها بعد أن خسرت في الاراضی السوریة و العراقیة؛ عادت القضیة الفلسطینیة مرة اخری لتصبح موضع اهتمام دول محور المقاومة؛ الأمر الذي یمکن اعتباره بأنه انطلاقة لبدایة خطة جدیدة لمواجهة الکیان المحتل و أنه سیشکل تحدیاً کبیراً لحل الدولتین من جهة وأمن الکیان الصهیوني من جهة اخری.

من هنا تتضح لنا أسباب قلق جان مارك إيرولت، الذي أکد بأن حل الدولتين هو الحل الوحيد الذي يضمن الحقوق المشروعة للفلسطينيين والإسرائيليين و دعا إلی التسمک به قبل فوات الأوان.

اذن الأسباب والأهداف التي أدت إلی التفاعل الدولي مع القضیة الفلسطینیة و ایضا اصرارهم علی إحیاء حل الدولتین تعود إلی قلق الدول الغربیة من الاحداث الاخیرة في المنطقة ولاسیما بعد الانتصارات التي حققها محور المقاومة وهزیمة المنظمات الارهابیة، الأمر الذي تعتبره الدول الغربیة تهدیداً کبیراً لأمن إسرائیل.

مهدي شکیبایي/ المدیر العام لوکالة القدس للانباء(قدسنا)
 


| رمز الموضوع: 152062