اجتماع أستانة؛ خطوة إیجابیة للدفع نحو الحل السیاسي للأزمة السوریة

وکالة القدس للانباء(قدسنا) «حسین رویوران»*: لاشك أن الاجتماع الذي عُقد مؤخرا من أجل تسوية النزاع في سوريا، في أستانة بكازاخستان، "خطوة هامة و إجابیة" لحل الأزمة السوریة التي بدأت منذ ستة سنوات. هذا الاجتماع عُقد بعد هدنة بین طرفي النزاع؛ الهدنة التي یمکن اعتبارها أثبت هدنة دخلت حيز التنفيذ منذ بدایة الأزمة في سوریا، الامر الذي یمکنه تفسیره بأن الطرفان یسعیان وراء الدفع نحو الحل السياسي للأزمة دون الحل العسكري.
وانطلق اجتماع أستانة حول سوریا یوم الاثنین فی العاصمة الکازاخیة بمشارکة روسیا و ایران و ترکیا، و أستمر یومین جری خلاله بحث بعض القضایا منها تثبيت اتفاق وقف إطلاق النار، وإدخال المساعدات لبعض المناطق المحاصرة.
ان أول ما یلاحظ في هذا الشأن، هو موافقة المعارضة السورية المسلحة علی المشاركة في مفاوضات أستانة وذلك بعدما عبرت الهيئة العليا للمفاوضات عن دعمها لمحادثات العاصمة الكازاخستانية. صحیح أن الاجتماع لم یشهد عملیة التفاوض المباشر بین وفدي المعارضة السورية المشارك بالإجتماع وممثلي الحکومة السوریة، لکن مجرد موافقة المعارضة للحضور في هذا الاجتماع الذي عقد من أجل تسوية النزاع في سوريا، بحد ذاته یعتبر انجازاً و خطوة هامة من شأنها أن تساعد علی حل الأزمة في الاراضي السوریة.
ان اجتماع أستانة الذي استمر یومین عُقد خلف أبواب مغلقة، ولحد الان لا توجد معلومات اضافیة حول تفاصيل البنود والخطة التي سارت علیها المفاوضات، لکن هناك اشارات واضحة تدل علی أن الاجتماع الذي جمع طرفي النزاع بمشارکة الدول الثلاث الراعية لمحادثات السلام في العاصمة الكازاخستانية أي روسیا و ایران و ترکیا، بحث عدة قضایا اساسیة یمکن الاشارة إلی بعضها و هي کالتالي:
أولاً: تعزيز وقف إطلاق النار. فان تعزيز وقف إطلاق النار في الفترة الراهنة یعزز موقف الطرفین من أجل الدفع نحو ایجاد حل للأزمة، و تجنب اﻟﺻراع اﻟﻣﺳـﻟﺢ واﻟﻌﻧف و الحل العسكري بشکل عام. وفي هذه الظروف یمکن للطرفان ان یثقا ببعضهما البعض من إجل انهاء الازمة.
ثانیاً: التأکید علی وحدة الاراضي السوریة و رفض تقسیمها و ایضاً ادارة البلاد عن طریق نظام شامل ذو أيديولوجية علمانية. وتصر فصائل المعارضة على طرح أجندة معينة منها حذف اﻟﻌﻘﯾدة اﻷﯾدﯾوﻟوﺟﯾﺔ اﻟﻌﻠﻣﺎﻧﯾﺔ، لأن هذه الهویة السیاسیة تم اقرارها في قرار صوت عليه مجلس الأمن، القرار الذي يحمل رقم 2254. و هذا الاجتماع یدعو جميع الأطراف في سوريا باتخاذ خطوات علی اساس هذا القرار، وذلک لبناء الثقة من أجل المساهمة في فرص القيام بعملية سياسية وتحقيق وقف دائم لإطلاق النار.
ثالثاً: إنشاء آلية لتطبيق ومراقبة وقف إطلاق النار. واتفقت روسيا وتركيا وإيران، الدول الراعية لمحادثات السلام حول سوريا في أستانا أمس، على إنشاء آلية لتطبيق ومراقبة وقف إطلاق النار في سوريا، في ختام يومين من المحادثات. البيان الذي شدد على أنه لا يوجد حل عسكري للنزاع في سوريا، وأن من الممكن فقط حله عبر عملية سياسية. هذا الامر دلالة علی اتفاق أو رغبة طرفي النزاع لاستمرار وقف اطلاق النار من أجل التوصل إلی حل ینهي الازمة.
رابعاً: الموضع الاخیر و الهام الذي تم التطرق الیه في اجتماع استانة هو موضوع محاربة الارهاب في الاراضي السوریة. وشكل القرار رقم 2253 الصادر عن مجلس الأمن الدولي ، خطوة مهمة في طريق محاربة الإرهاب. وهو القرار الذي يعد من أكثر القرارات الصادرة عن مجلس الأمن فيما يخص الإرهاب وضوحا. ويدعو هذا القرار إلى مواجهة تنظيم داعش و جبهة النصرة ومن يرتبط بهما من أفراد وجماعات ومؤسسات وكيانات، وبعبارة أخری ان هذا القرار اعتبر بأن الارهاب هو عامل زعزعة الاستقرار الرئيسي في الاراضي السوریة، و الحل الوحید لانهاء الازمة السوریة هو مواجهة تلك المنظمات الارهابیة.
السؤال الاساسي الذي طرح نفسه هنا یتعلق بالجهة التي ستحارب هذه المنظمات الارهابیة. هل الحکومة السوریة و بمساعدة حلیفها الاستراتیجي اي الجمهوریة الاسلامیة الایرانیة هما من یتحملان مسؤولیة محاربة هذه المنظمات فقط، أم هناك ضرورة توجب مشارکة الدول الداعمة لوقف اطلاق النار و الراعیة لاجتماع استانة(کالحکومة الترکیة) في عملیة محاربة هذه المنظمات ؟
لاشك أن مسؤولیة القیام بمهمة مواجهة الارهاب في الاراضي السوریة تقع علی عاتق جمیع الاطراف الراعية و الحاضرة في محادثات السلام في العاصمة الكازاخستانية. من خلال هذا یمکن التوصل إلی الحل السياسي للأزمة دون الحل العسكري. لأن المنظمات التکفیریة لاتعتبر عدواً للشعب و الحکومة السوریة فحسب، بل تعبر عدواً أساسیا للمعارضة و الحکومة الترکیة وجمیع شعوب المنطقة و العالم، لذا عملیة مواجهة الارهاب في الاراضي السوریة مهمة الجمیع.
*رئیس اللجنة السیاسیة لجمعیة الدفاع عن الشعب الفلسطیني