الضربة الصاروخیة الأمریکیة على سوریا.. الأسباب والأهداف
وکالة القدس للانباء(قدسنا) «مهدي عزیزي»*:
اطلقت البحرية الأمريكية فجر امس الجمعة، 59 صاروخا من طراز توماهوك من مدمرتین للبحریة الأمریکیة على مطار الشعیرات العسکری (طیاس)، جنوب شرق مدینة حمص، وسط سوریا.
ونفذ الجيش الأمريكي هذا الاعتداء السافر بأمر من الرئيس دونالد ترامب، وذلك بحجة الرد على "هجوم كيمياوي" اتهمت واشنطن الجیش السوري بتنفيذه على بلدة خان شيخون شمالي غرب البلاد.
بعد الضربة الأمريكية على مطار الشعيرات، سارعت عدة جهات(حلفاء واشنطن الاقلیمیین) إلى إعلان تأييدها لهذه الضربة.
لاشك ان هذه الضربة تشكل تطورا هاماً في سير العمليات السياسية والعسكرية في سوريا. بعد 5 سنوات على الازمة السورية، المجموعات الارهابية(المدعومة من قبل بعض الدول کالسعودیة وترکیا) بدأت تکبد خسائر کبیرة علی ید قوات الجیش السوري والمقاومة. في الاشهر الأخیرة تغیرت جمیع موازین القوی لصالح الجیش السوري و حلفاءه، وشهدت الساحة السوریة انتصارات عدیدة لمحور مالمقاومة أهمها تحرير مدینة "حلب" من قبضة الإرهابيين؛ الامر الذي أشعل غضب الدول الداعمة للمنظمات الارهابیة.
في الآونة الاخیرة، شهدت مجموعة من الدول الداعمة للمنمظات الارهابیة تطورات داخلية حالت دون استمرار دعم هذه الدول لتلك المنظمات.
الازمات الداخلیة والتطورات التي حصلت في ترکیا من جهة، وانشغال السعودیة وحلفاءها في العدوان علی الیمن من جهة اخری، أدی إلی اضعاف المنظمات المنشغلة في الصراع الدائر في الاراضي السوریة.
وما زاد الطين بلة هو الخلافات والنقاشات السیاسیة التي بدأت قبل أشهر بين الفصائل السوریة المسلحة المعارضة لبشار الأسد. کل هذه الاحداث جعلت المنظمات الارهابیة المتواجدة في الاراضي السوریة أن تجد نفسها في مأزق لایمکنها الخروج منه بسلام، لأن تلك المنظمات لایمکنها ان تستمر في عملها من دون استمرار الدعم من قبل حلفائها الاقلیمیین والغربیین.
من جانب أخر وعلی السمتوی السیاسي شهدت علاقات فصائل المعارضة السورية المسلحة بشأن المشاركة في اجتماعات عدیدة منها اجتماع أستانة، والدوحة، و مؤتمر جنیف انعکست ايجابيا لصالح محور المقاومة.
التجارب اثبتت انه کلما خسرت المنظمات الارهابیة في سوریا و العراق امام المقاومة ، دخلت امریکا(بذرائع واهية) و تبدأ باتخاذ خطوات و اجراءات وتکثف جهودها في اطار تقدیم دعمها للارهابیین، واذا لزم الامر تتدخل بشکل مباشر وبذلك تدعم بکل ما تملك من قوة الارهابیین فی سوریا والعراق.
ولا شك أن تداعيات هذه الهجمة الصاروخیة الامریکیة علی سوریا أرخت بظلالها على ما یحدث في سوریا، خصوصا وانها جاءت في ذروة العمليات العسكرية ضد الإرهاب، وتأتي أيضا بالتزامن مع استمرار مسلسل الانتصارات التي تحققها المقاومة في الاراضي السوریة.
أما أهداف الضربة الصاروخية الأمريكية على سوريا یمکن اختصارها کالتالي:
-خلق ظروف جديدة ایجاد ممرات للمنظمات الارهابیة عن طریق قصف بعض المناطق التي یسیطر علیها الجیش السوري في محاولة لتقدیم الدعم لتلك المنظمات لکي تستعيد قوتها من جديد
-تغییر موازین القوی في سوریا في محاولة لاخراج الدول الداعمة للارهابیین من المأزق عن طریق رفع معنویاتهم
-تصدیر ازمات امریکا الداخلیة؛ أي افتعال الأزمات الخارجية من قبل ترامب بغرض صرف الأنظار عن أزمات واشنطن الداخلية
-الرئیس الامریکي یحاول أن یعرض نفسه کقائد یختلف عن نظرائه السابقین لذلک لجأ لشن هجوم مباغت علی سوریا
- الضربة الصاروخية الأمريكية على سوريا جاءت کمکافئة للدول العربیة المتحالفة مع امریکا والدول الغربیة
-الرئیس الامریکي الجدید اراد أن یثبت لحافاءه العرب بأنه معهم وان واشنطن لن تتخلی عن تقدیم الدعم لحلفاءها
-محاولة واشنطن لاستعادة دورها في المنطقة الذي تراجع في السنوات الاخیرة لاسيما بعد تعاظم الدور الروسي في المنطقة بشكل ملحوظ
اضافة إلی ذلك، ان عدم مصادقة مجلس الامن الدولي التصويت على مشروع قرار غربي يدين الحكومة السورية بهجوم كيميائي بسبب الفيتو الروسي، اثار حفیة الامریکیین، ما جعلهم أن یشنوا هجمات ضد سوریا في محاولة لاثبات قدرتهم لحلفاءهم.
إسقاط طائرة إسرائيلية بعد أن اخترقت المجال الجوي لأحدی المناطق السوریة قبل اسابیع ایضا یمکن اعتباره احد الاسباب التي اثارت غضب الامریکیین، حملتهم علی تنفیذ هذه الهجمات العدائیة ضد الجیش السوري.
وختاما نقول ان طبيعة العلاقات الروسية الإيرانية في سوريا و استمرار مسلسل الانتصارات التي یحققها محور المقاومة، جعل ظروف المنطقة مخالفة لتوقعات الدول الغربیة و حلفاءها الاقلیمیین. لکن استمرار مؤامرات الدول الغربیة ضد شعوب المنطقة، وتهور ترامب في اتخاذ القرارات ومحاولاته الرامیة لتصدیر ازمات امریکا الداخلیة، ینذر باشتعال حرب طاحنة تحرق الأخضر واليابس، و اذا لن تکف الدول الغربية مؤامراتها ضد شعوب المنطقة فإن الحرب ستصل إليهم.
*خبیر في شؤون الشرق الأوسط
الصفحات الاجتماعية
instagram telegram twiter RSS