انتصار القدس وإعادة
ترتيب أرقام المعادلة

محمدعلي تخت رونده
وكالة القدس للانباء(قدسنا)«محمدعلي تخت رونده»*:
في العقود الأخيرة وبعد احتلال فلسطين عام 1948، سادت فكرة مفادها أن العالم الإسلامي أصبح في موضع الضعف ولا يستطيع أن يواجة القوي الغربية الاستعمارية وعلي رأسها الكيان الصهيوني الذي تم زرعه من قبل تلك القوي في منطقة الشرق الأوسط.
وتوسعت هذه الفكرة في السنوات الأخيرة لتسود علي سياسات بعض الدول والزعماء، حيث يرون بأن التفكير بهزيمة اسرائيل مجرد وهم، الأمر الذي أدي إلي نسيان القضية الفلسطينية وهي القضية الاولي للعالم الاسلامي.
السوال الأساسي الذي يتعلق بهذه القضية هو هل تغيرت سياسات الصهاينة واستراتيجياتهم في الاراضي الفلسطينية خاصة وبعد أن تغيرت سياسات بعض الدول الاسلامية تجاه القضية الفلسطينية؟ بلا شك أن الجواب لا. اسرائيل وبما أنها دولة محتلة، اثبتت بأنها لديها استراتيجية واحدة ولايمكن تغييرها مهما حصل، وانها تحاول أن تحافظ علي البقاء مهما كان الثمن. وعليه فانها تمارس سياساتها القمعية ومصادرة المزيد من الاراضي شئنا أم ابينا؛ لأن الصهاينة يسعون الي تحقيق خطة إسرائيل الكبرى، وأنهم في سبيل ذلك يرون جميع دول المنطقة وشعوبها اعداء لأنها في النهاية محتلة ولايمكنها أن تغير هذه الحقيقة.
ومهما يكن من أمر وتوهمات، هناك بعض المؤشرات تدل علي أن الفكرة السائدة و القائلة بأن اسرائيل لايمكن مواجهتها، قد فشلت بالفعل، وأن فكرة اسرائيل الكبري لم تعد موجودة وذلك بسب تغيير معالات المنطقة.
فعلي سبيل المثال، أن اسرائيل رفضت إزالة البوابات الإلكترونية من المسجد الأقصي وأكدت علي أنها لن تزيل هذه الأبواب مهما كان الثمن. لكن بعد الضغوط التي مارسها المقدسيون قررت الحكومة الإسرائيلية وقف استخدام البوابات الإلكترونية عند مداخل المسجد الأقصى في القدس وذلك بعدما تسببت باندلاع أعمال عنف بين الفلسطينيين والقوات الإسرائيلية.
وفي غضون ذلك شكلت المرجعيات الدينية في القدس لجنة فنية لفحص الوضع في المسجد الأقصى، وأكدت على وجوب عودة الوضع إلى ما كان عليه قبل بدء التوتر في محيط المسجد الأقصى دون أي كاميرات أو بوابات. هذا بعدما أمرت إسرائيل بإزالة البوابات بعد أسبوع من احتجاجات الفلسطينيين بشأن ما رأوه تقييدا غير مقبول لحقوقهم في دخول المسجد الأقصى.
وبالفعل انتصر الشعب الفلسطيني على الاحتلال الإسرائيلي وأجبره على التراجع عن إجراءاته التعسفية التي استحدثها في محيط الحرم القدسي واثارت غضبا فلسطينيا وإسلاميا عارما وصدامات دامية بين محتجين فلسطينيين وقوات الاحتلال هي الأشد منذ الانتفاضة الأولى. هذا الأمر ان دل علي شيء يدل علي فشل تلك النظرية القائلة بأن اسرائيل تخضع للضغوط أنها ستنتصر في جميع الاحوال. وبالتالي يمكن القول بأن انتصار القدس يعتبر اعادة ترتيب أرقام المعادلة، واسرائيل مهما طورت وسائلها القتالية ستبقي في موضع الضعف ولايمكنها ان تنتصر.
*خبير في الشؤون الفلسطينية
الصفحات الاجتماعية
instagram telegram twiter RSS