أوسلو لم تولّد سوى
المآسي للشعب الفلسطيني

داوودشهاب
وكالة القدس للانباء(قدسنا) أمل شبيب/ لبنان
خمسة وعشرون عاماً مرّت على إتفاقية أوسلو الموقعة بين منظمة التحرير الفلسطينية وسلطات الاحتلال الإسرائيلي في العاصمة الأمريكية واشنطن في الثالث عشر من ايلول 1993، إتفاقية لم تولد سوى المآسي للشعب الفلسطيني وحصاراً مالياً وتجارياً تُوِّج بحصار سياسي ظالم أعطى الإذن لدولة الاحتلال بالسيطرة على إقتصاد وموارد فلسطين الطبيعية، وتدخل سافر بتفاصيل الحياة اليومية والمعيشية، وفي ذكرى إتفاقية أوسلو كان لوكالة قدسنا لقاء خاص من غزة مع مسؤول المكتب الإعلامي لحركة الجهاد الإسلامي في فلسطين الأستاذ داوود شهاب.
البداية كانت مع مرور 25 عاماً على هذه الإتفاقية وواقع فلسطين اليوم، إذ بدأ شهاب كلامه بأن سنوات أوسلو حملت عبئاً ثقيلاً على الشعب الفلسطيني والقضية الفلسطينية، أوسلو كان اتفاقاً مشؤوماً وما تبعه من اتفاقات ايضاً لا تقل عنه شؤماً. لقد شكل التوقيع على اتفاق أوسلو انعطافة خطيرة وكبيرة في تاريخ العرب والقضية الفلسطينية، فقد تحول الصراع من أجل تحرير فلسطين إلى الرهان على التسوية وتحقيق "السلام والتعايش المستحيل" مع الكيان الصهيوني، ومع هذا الاتفاق المشؤوم صرنا أمام واقع مشوه ومفجع حيث تخلت المنظمة التي حملت هدف التحرير وتأسست من أجل التحرير إلى مشروع سلطة تؤدي دوراً وظيفياً في ملاحقة كل من يقاوم الاحتلال بل وتنسق أمنياً مع العدو المركزي للشعب الفلسطيني والشعوب العربية والاسلامية!!!
واليوم فلسطين يجري التآمر عليها بدلا من دعمها وتعزيز صمود شعبها الذي يقف في وجه الاحتلال ، ويجري خذلانها ...
واضاف شهاب: من كان يصدق أن يحصل كل هذا؟ من كان يصدق أن تتحول المنظمة إلى أداة لفرض عقوبات على قطاع غزة الذي يقف وحده اليوم يرد على الغطرسة الصهيونية ويذود عن الثوابت ويد مقاومته على الزناد لا تفارقها العزيمة وقرارها واحد هو الرد على العدو والتصدي لعدوانه ..
وتابع: كلما يقترب الشعب الفلسطيني من تحقيق إنجاز يشكل هزيمة للمشروع الصهيوني تقف السلطة ومن خلفها قوى الطغيان والشر لإحباطه!! بل إن السلطة أحبطت انتفاضتي الاقصى والقدس وهي اليوم تسعى لإحباط مسيرات العودة وكسر الحصار، كما احبط الموقعون على اتفاق أوسلو الانتفاضة الكبرى التي انطلقت في العام 1987.
وردّاً على سؤال مراسلة وكالة القدس للانباء(قدسنا) في لبنان، حول كيفية مساعدة هذه الاتفاقية على تكريس واقع سلطة وهمية تحمي الاحتلال ، قال شهاب: إن الوقائع المفزعة التي اسلفت الحديث عنها في إجابتي على سؤالكم السابق تضع بين أيدينا إشارات واضحة حول المشروع المشوّه الذي جاءت به اتفاقية أوسلو وهو مشروع السلطة الذي يعتبره البعض انجازاً يجب الحفاظ عليه، بمعنى أن اصحاب هذا المشروع لا يريدون الإقرار بالفشل ولا يريدون اجراء أي مراجعة لمسيرة ربع قرن من مسيرتهم التي واكبها كل هذا التآكل للأرض والحقوق، تلك المسيرة التي جلبت الاستيطان والتهويد والجدار !!
وعن تأثير الاتفاقية على الانقسام السياسي والجغرافي في فلسطين أكّد مسؤول المكتب الإعلامي لحركة الجهاد الإسلامي في فلسطين بأن أوسلو شكل نقطة تدشين المأزق الداخلي في الساحة الفلسطينية الذي تطور بشكل دراماتيكي وصولا إلى الانقسام وما بعده من فرض عقوبات ومن تهتك العلاقات الوطنية حتى بين فصائل المنظمة.
ويضيف شهاب بأن أوسلو خلق حالة اختلال في كل شيء وأحدث تشوش خطير في الرؤية وسبب في تشتيت الاولويات وتراجع الأهداف الكبرى لصالح قضايا هامشية.. أوسلو لم يجلب لنا كارثة الانقسام فحسب بل خلق انقلاباً خطيراً التعاطي مع العدو الصهيوني الذي لم يعد عند البعض يسمى عدواَ بل جاراَ أو .... مسميات وأوصاف لا أستسيغ ابدا طرحها على لساني...
وفيما إذا وفرت هذه الاتفاقية بيئة آمنة للمستوطنين في الضفة الغربية على الصعيد الفلسطيني، قال داوود شهاب بأن المستوطنين أقاموا دولة جديدة في الضفة، دولة محمية بالتنسيق الأمني المقدس، الاستيطان تضاعف عشرات المرات في ظل اوسلو.
وحول كيف ساعدت هذه الاتفاقية منذ بدايتها وحتى اليوم على اضعاف الموقف الفلسطيني وتعزيز مكانة اسرائيل الاقليمية والدولية، أكّد شهاب أن العدو الصهيوني اتخذ من الاعتراف بكيانه المسمى "إسرائيل" وهو اعتراف نجم عن اتفاق اوسلو، اتخذ هذا الاعتراف "صك غفران" لغسل يديه من الجرائم ويصور نفسه "حمامة سلام" ، كان الاعتراف بمثابة التصريح بفتح علاقات عربية وغير عربية مع الاحتلال تحت ستار التطبيع والعلاقات التجارية وغير ذلك ، أكثر من ذلك فقد باتت الرواية الصهيونية هي الأقرب للتصديق وجرى تآمر وتواطؤ كبير على الحقيقة في مقابل النفاق الكبير للفكرة الصهيونية.
وعن آثار ونتائج هذه الاتفاقية على المستوى الفلسطيني، قال شهاب بأن نتائج هذه الإتفاقية هي نتائج كارثية ولعلّ آخرها هو تقديس التنسيق الأمني بل تعدى الامر لأن تشارك شخصيات من قيادة المنظمة وبعض قواها الرئيسية في مؤتمرات الامن القومي الاسرائيلي. وعلى الارض الجميع يتابع التوسع الاستيطاني والاقتحامات والتهويد والعربدة والعدوان ..
وردا علي سؤال قدسنا حول امكانية القول ان هذه الاتفاقية كانت مؤشر وداعم لتشكيل سلطة خاضعة للابتزاز الاسرائيلي وفاقدة لروح المبادرة الوطنية، ختم مسؤول المكتب الإعلامي لحركة الجهاد الإسلامي في فلسطين الأستاذ داوود شهاب بصحة هذا الموضوع، فالسلطة خاضعة للضغط والابتزاز الإسرائيلي والأمريكي لدرجة انها لم تعد قادرة على التراجع جزء قليل للخلف، اليوم هناك محاولة لتصفية أي كيان سياسي فلسطيني ولو كان معنوياً، وكل لحظة تؤكد فيها أمريكا واسرائيل تجاوزهما لإتفاق اوسلو من جهة تجاوز حقوق الشعب الفلسطيني ومع ذلك السلطة لا تجرؤ على الخروج من الاتفاق او على الاقل وقف التنسيق الأمني.
الصفحات الاجتماعية
instagram telegram twiter RSS