الأربعين الحسينية إنطلاقة
والقدس هي الغاية والهدف

مليونية الأربعين الحسينية وخطاب المقاومة في العراق ولبنان وسورية إدي إلي تشكيل محور مهم وذات قدرة علي تغيير الموازين؛ ألا وهو محور المقاومة الذي أستطاع أن يغيّرالمعادلات ويقرب المسافة بين حدود مدينة كربلاء المقدسة والقدس المحتلة. ونتيجة الإنتصارات التي حققها هذا المحور، أصبحت الحدود الإيرانية مجاورة لمدينة القدس..

وكالة القدس للانباء(قدسنا) «مهدي عزيزي»*:

إن ما توجهه مليونية الأربعين الحسينية كخطاب غني وذات قيمة وعمق، ماهو إلا استراتيجية وخارطة طريق للشعوب الإسلامية بشكل خاص و شعوب المنطقة بشكل عام. ولاشك أن هذه الظاهرة هي نتاج التفسير الصحيح للاسلام السياسي و الكفاح العلمي لتحقيق الأهداف السامية للشريعة الاسلامية.

وعن أهمية مليونية الاربعين، لابد من القول بأن هذه المسيرة المليونية ليست مسيرة يشارك فيها عدد كبير من الناس فحسب. أن هذه المسيرة تحمل في طياتها رسائل سامية، من شأنها  تحقيق نتائج كبيرة في كافة المجلالات السياسية والدينية، إضافة إلي أنها وسيلة لايجاد تغيرات جذرية في العالم الإسلامي. ورد علي ذلك، أن هذه المسيرة العظيمة هي نتيجة التغيير في الرؤي الذي حدث بعض انتصار الثورة الإسلامية في ايران.

إن هذه الرؤية التي جاء بها الإمام الخميني(رض) وأدت إلي انتصار ثورته الإسلامية، هي تأكيد علي أن الإسلام الصحيح ماهو إلا رؤية شاملة وعملية تحمل في طياتها خيار الكفاح السياسي. وتفسير ذلك أن الإسلام لا يختصر علي اداء الطقوس الدينية والحضور في المساجد فحسب. إلي جانب ذلك، أكدت هذه الرؤية علي ضرورة إدراج النشاط الثقافي والاجتماعي في اطار العمل السياسي، وبذلك نري الروح الإسلامية حاضرة في كافة المجالات الاجتماعية والسياسية والثقافية.

 إن أهمية هذه الرؤية تظهر من خلال اطلاعنا علي محاولات الدول الغربية لخلق تفسير اسلامي جديد، لأنها كانت تري بأن انتشار الإسلام الصحيح القائم علي تعاليم اهل البيت عليهم السلام وما أمر به القرآن الكريم(اي اتباع القرآن والعترة الطاهرة) سيخلق حاجزا وتحديا كبيراً ليساساتهم.

إن الأعداء حاولا خلق تفسيرات جديدة من الاسلام لذلك ظهرت مصطلحات ومفاهيم جديدة روجت لها الدوائر الغربية أو تلك التي تهيمن عليها الدول الغربية. إن وسائل الاعلام التابعة لهذه القوي سعت لترويج مصطلحات تشوه سمعة الإسلام، لذلك نري ظهور مصطلحات كالاسلام المعتدل أو الاسلام الجهادي وما إلي ذلك من مصطلحات. ان القوي العظمي تقصد من الاسلام المعتدل هو المنهج الذي يسمح لها بتنفيذ مخططاتها الاستعمارية في المنطقة وكل ما يعارض سياساتها فهو اسلام متطرف. أنهم يريدون الاسلام الذي يقيم علاقات مع العدو الاسرائيلي ويعترف به كدولة شرعية في المنطقة.انهم يبحثون عن نموذج اسلامي يتعدي حدود الله كالاسلام الذي جاء به اردوغان، أو الاسلام الذي تسير علي نهجه السعودية. لكن مهما يكن من امر فان مخططات تلك القوي التي لاتريد الخير للعالم الإسلامي باءت بالفشل.

ما تقدم يمكنه أن يفسر لنا نظرة الغرب لاربعينية الإمام الحسين(ع). وعن سياسات بعض الدول الاسلامية الحليفة للقوي الاستكبارية، يمكن القول بان ما تقوم به بعض هذه الدول من محاولات للتقارب والتطبيع مع الاعداء، وفي اطار ذلك استضافة اعداء الامة وعقد لقاءات واجراء مفاوضات معها، ليس له صلة بالاسلام الاصيل بل أنه ينتمي إلي اسلام مزيف لايخدم إلا سياسات الغرب ومخططاته.

وهنا لابد من التذكير علي أن الإسلام الذي لا يحيي مبادئ عاشوراء والثورة الحسينية، فهو اسلام مزيف لايمكنه أن ينهض بالامة وغايته تحقيق مطالب امريكا والكيان الصهيوني وبريطانيا ولاغير. من هنا يمكننا أن نستنتج اهمية الخطاب الذي توجهه مليونية الاربعين. أنها مطالبة للعودة إلي الاسلام الصحيح. مطالبة بضرورة مواجهة الظلم والاستكبار و مد يد العون للمظلوم واستعادة حقوق المظلومين.

إن هناك علاقة وثيقة تربط قضية القدس بمسيرة الاربعين الحسينية، وهي ما أكدت عليه الثورة الاسلامية في ايران منذ اتصارها. ان هذه الثورة رفعت شعار"طريق القدس يمر عبر كربلاء"، اي لو لم يتم الدخول في كربلاء المقدسة واحياء بعض القيم والمبادئ، لايمكن أن نوفر اسباب تحرير القدس منن براثن الصهاينة. إن مسيرة الاربعين الحسينية هي خارطة طريق للوصول إلي مدينة القدس المحتلة، وفي المقابل، تعتبر مدينة القدس مظهر الاسلام الحقيقي. إن الاسلام الصحيح يرفض النهج الذي تسير عليه بعض الحكومات الاسلامية كتركيا والسعودية والاردن، ان الاسلام الصحيح هو الذي يرفض الظلم والفساد، ويدعو إلي مناهضة المستكبرين.

وملخص القول أن الغرب لا يريد قيام حكومة اسلامية عدلة تنتهج سياسة من شأنها افشال مخططاته في المنطقة. أن معارضة الغرب لمسيرة الاربعين يدخل في إطار تخوفها من الرسائل التي ستوجه والنتائج التي ستحقق من خلال هذا الاجتماع العظيم.

هذه إشارات في غاية الأهمية، وانها اجابات لتلك الأسئلة التي تطرح عن الأسباب التي تدفع الأعداء إلي اتخاذ اجراءات وخطوات تقضي علي كل ما له صلة بملحمة عاشوراء. أن تلك الاجراءت لم تتخذ بسبب اعتقادنا بمنطقة جغرافية محددة. أنها (اعني عاشوراء وكل ما يرتبط بها) مدرسة لتوجيه القلوب و العقول نحو الطريق السيلم وهذا هو سبب معارضة الأعداء لها.

وختاماً نؤكد علي أن رسائل مليونية الأربعين الحسينية وخطاب المقاومة في العراق ولبنان وسورية إدي إلي تشكيل محور مهم وذات قدرة علي تغيير الموازين؛ ألا وهو محور المقاومة الذي أستطاع أن يغيّرالمعادلات ويقرب المسافة بين حدود مدينة كربلاء المقدسة والقدس المحتلة. ونتيجة الإنتصارات التي حققها هذا المحور، أصبحت الحدود الإيرانية مجاورة لمدينة القدس، والقدس مجاورة لإيران ومحور المقاومة.

*كاتب و خبير في الشؤون السياسية