السيد ترامب! لايمكنك
عتق رقبة إسرائيل!

إذا كانت أمريكا تريد ايصال صادرات النفط الايرانية الى مستوى الصفر، لماذا سمحت لثماني دول باستيراد النفط الإيراني؟ الحقيقة هي أن امريكا تريد أن تقول للجمهورية الإسلامية الإيرانية بأننا سوف نوقف الحرب ضد اليمن، ونتنازل عن السعي وراء منع صادارت النفط الإيراني، وفي المقابل نريد عتق رقبة اسرائيل...

وكالة القدس للانباء(قدسنا) «مهدي شكيبايي»* لاشك أن التصعيد الأمريكي ضد إيران، من خلال المطالب والتهديدات التي يطلقها القادة الأمريكيين، ماهو إلا محاولة لدفع ايران لتقديم تنازلات تخدم المصالح الأمريكية وحلفاءها في المنطقة. إن هذا التصعيد الذي يتم من خلال تضخيم ما اطلقوا عليه الخطر الإيراني، ينقل عبر وسائل الاعلام التابعة للقوي الاستعمارية بهدف التأثير علي الشعب الإيراني وثنيه علي مسيرته النضالية التي بدأها منذ 40 عام، وحقق خلالها العديد من الإنجازات.

إن ائتلاف ما يطلقون علي أنفسهم بالمعارضة القاطنة خارج البلاد، ايضا يعتبر من الأدوات التي تستخدمه امريكا لممارسة الضغوط ضد الجمهورية الإسلامية الإيرانية. في حقيقة الأمر أن لجوء امريكا إلي هؤلاء الأشخاص من الذين ليس لهم اي قاعدة شعبية، يعتبر آخر محاولة أمريكا للنيل من الجمهورية الإسلامية.

والمتتبع لمجريات الأحداث و الخطوات التي تقوم باتخاذها الإدارة الامريكية، يري بأن تضخيم الملف الايراني إلى خطر على العالم واسرائيل والمنطقة الى جانب ما افتعلته امريكا من أحداث وأزمات في المنطقة، ماهي إلا ذرائع تتمسك بها امريكا لتمرير سياساتها العدوانية ضد طهران.

وعن أسباب التصعيد الامريكي وممارسة الضغوط ضد طهران يمكن القول بأن امريكا لاتريد(كما انها لاتستطيع) اسقاط نظام الجمهورية الإسلامية كما يروج البعض، بل أنها تريد من طهران التوقف عن معاداتها لإسرائيل. أن امريكا تريد ضمان بقاء اسرائيل في منطقة غرب اسيا، وبما انها تري ايران خطرا علي مستقبل اسرائيل تسعي لايجاد حلول تؤدي إلي ضمان امن الكيان الصهيوني.

 إضافة إلي الضغوط التي تمارسها إدارة ترامب حاليا ضد طهران، هناك العديد من الخطوات التي اتخذتها واشنطن لشن حرب نفسية ضد الجمهورية الإسلامية، نشير إلي جانب منها فيما يلي.

إيران وبعد التطورات التي شهدتها سوريا في السنوات الأخيرة، أصبحت متواجدة علي الحدود الفلسطينية. إن ايران وبسبب البعد الجغرافي، كان دعمها لفلسطين يختصر علي الدعم الديبلماسي، لكنها اليوم وبسبب حضورها الفعال في سوريا، أصبحت القوات الإيرانية علي حدود فلسطين. هي ايران نفسها التي أكدت منذ اربعة عقود، علي ضرورة إزالة إسرائيل من الوجود. إن ايران اليوم بسبب صعود دورها الإقليمي، أصبحت أكثر قرباً من تحقيق أهداف ثورتها الإسلامية.

بعد انتصار المقاومة في معاركها ضد المنظمات الإرهابية في العراق و سوريا، قامت كل من امريكا واسرائيل باتخاذ خطوات من شأنها التغطية علي الهزائم التي تكبدتها المنظمات الارهابية المدعومة اساسا من قبل واشنطن وتل ابيب. ثم أن الأمريكان وبعد فشل محاولاتها لاستعادة المناطق المحررة وقبول أمر الواقع، أكدوت علي أن تعاونها مع الحكومة السورية مرتبط بعدم حضور إيران في سوريا.

من جهتها، عملت اسرائيل بشكل مكثف علي انهاء التواجد الإيراني في سوريا والذي جاء بناء علي طلب الحكومية السورية، لكنها فشلت في تحقيق اهدافها. وبعد حادثة اسقاط الطائرة الروسية من قبل المقاتلات الاسرائيلية، قضت علي حلم اسرائيل لانهاء التواجد الإيرانتيفي سوريا. وواصلت إسرائيل مساعيها المكثفة لاحتواء تداعيات دورها في إسقاط طائرة روسية بواسطة المضادات الأرضية السورية ومقتل 15 عسكريا كانوا على متنها.

وعن حلفاء امريكا واسرائيل الاقليميين، يمكن القول ان السعودية تعتبر اللاعب الرئيسي في تنفيذ مشاريع القوي الإستعمارية في المنطقة، لكنها بسبب فشلها في الحرب علي اليمن، ومن ثم الازمة الدولية التي سببتها حادثة مقتل الصحفي السعودي جمال خاشقجي، أصبحت اليوم في عزلة ومأزق سياسي، الأمر الذي اثر علي مجريات الأحداث في المنطقة، خاصة وأن محمد بن سلمان كان الركن الأساسي أو الأداة الرئيسية لتنفيذ الضغوط المكثفة ضد ايران.

ما تقدم يدفعنا إلي طرح سؤال هام وهو: ان ما آلت إليه الأحداث في المنطقة، والوضع الذي تمر به السعودية واسرائيل بسبب فشل سياساتها في المنطقة، هل يدفع أمريكا لاتخاذ خطوات تساعد علي إخراج حليفاتها من المأزق؟

يري العديد من الخبراء والمحللين بأن امريكا سوف تقوم بخطوات من شأنها انقاذ حليفاتها، وذلك عبر وقف ايران واشغالها بنفسها.

لكن السؤال الذي يطرحه هؤلاء الخبراء، يتعلق بطلب امريكا من السعودية والامارات المتمثل بضرورة وقف الحرب ضد اليمن، في حين أنها تريد تضييق الخناق ضد طهران. ويقولون ايضا بأن وقف العدوان الذي تشنه السعودية والامارات ضد اليمن يعني انتصارا لطهران. وعليه كيف لامريكا ان تقديم هذه الخدمة لايران في حين انها تريد اسقاط النظام الإيراني؟ وهل حادثة مقتل جمال خاشقجي دفعت امريكا للتفكير بانهاء العدوان ضد اليمن؟

والسؤال الأساسي الذي والأهم من الأسئلة التي طرحت آنفا، هو : إذا كانت أمريكا تريد ايصال صادرات النفط الايرانية الى مستوى الصفر، لماذا سمحت لثماني دول باستيراد النفط الإيراني؟ الحقيقة هي أن امريكا تريد أن تقول للجمهورية الإسلامية الإيرانية بأننا سوف نوقف الحرب ضد اليمن، ونتنازل عن السعي وراء منع صادارت النفط الإيراني، وفي المقابل نريد عتق رقبة اسرائيل. هذا هو كل القصة باختصار!

*مدير عام وكالة القدس للانباء(قدسنا)