ماذا وراء وقف العمل
بالاتفاقيات مع إسرائيل؟

وكالة القدس للانباء(قدسنا)
وكالة القدس للانباء(قدسنا) أعلن رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس (أبومازن)، وقف العمل بالاتفاقيات الموقعة مع الجانب الإسرائيلي، وتشكيل لجنة لتنفيذ القرار عملا بما صدر عن المجلس المركزي الفلسطيني، وذلك بعد بضعة أيام من هدم الاحتلال مباني سكنية فلسطينية في بلدة صور باهر جنوبي القدس المحتلة.
ولاقى قرار عباس ترحيباً شعبياً وفصائلياً كبيراً. حركة حماس، قالت في بيان لها إن قرار عباس خطوة في الاتجاه الصحيح تتوازى مع متطلبات المرحلة الصعبة التي تمر بها القضية الفلسطينية، وتصحيح لمسارات خاطئة لطالما حرفت المسار السياسي الفلسطيني.
لايخفي علي أحد بأن إعلان محمود عباس هذا جاء بعد سلسلة انتهاكات ونقض للعهود من قبل الجانب الإسرائيلي وذلك منذ التوقيع علي اتفاق اوسلو عام 1993، حيث كانت السطلة الفلسطينية تلتزم الصمت أمام أي محاولة اسرائيلية تتعارض مع ما ذكر في ذلك الاتفاق المشؤوم. هذا بالإضافة إلي التنسيق الأمني بشكل واسع مع الاحتلال الاسرائيلي خاصة في الضفة الغربية، ما أدي إلي القاء القبض علي العديد من اعضاء خلايا المقاومة التي كانت تنشط في الضفة المحتلة.
إن قرار وقف العمل بالاتفاقيات الموقعة مع اسرائيل وإن لاقي ترحيباً شعبياً وفصائلياً كبيراً، أثار عدة أسئلة حول اسباب اتخاذ هذا القرار في الفترة الراهنة وبالضبط بعد مرور 26 عاما علي توقيع اتفاقية اوسلو التي رفضها الشعب الفلسطيني واعتبرها خيانة بحقه وبحق قضيته؟ ألا يعتبر اعلان عباس خدعة؟ وهل قرر رئيس السلطة الفلسطينية بعد سنوات من التعامل مع اسرائيل، العودة إلي احضان الشعب الفلسطيني ليخلد ذكري صغيرة في اذهان الشعب؟ أم شعرت السطلة الفلسطينية ومعها حركة فتح وقادتها المكونة من انصار عباس بالخطر بعد قيام إسرائيل بتدمير منازل الفلسطينيين في منطقة واد الحمص؟
حقيقة الأمر أن غالبية قيادة منظمة التحرير الفلسطينية واعضاء المجلس الوطنة الفلسطيني هم شركاء عباس وعرفات في اتخاذ القرارات التي اتخذت طيلة السنوات الماضية. ويري العديد من المتابعين للشأن الفلسطيني بأن قرار وقف العمل بالاتفاقيات الموقعة مع اسرائيل لاينطلق من الالتزام بامبادئ الوطنية، بل جاء علي ضوء كثرة المحاولات الرامية لتصفية القضية الفلسطينية وحذفها من المعادلات الاقليمية. ان قيادة السلطة الفلسطينية ادركت جيدا مدي خطورة الخطة التي تتبعها امريكا واسرائيل بالتعاون مع بعض الأنظمة العربية كالسعودية، لذلك قاومت باتخاذ خطوات استباقية للتأثير علي تلك التحركات. بتعبير آخر أن السلطة الفلسطينية تعي جيدا بأن نجاح صفقة القرن يعني جعل القضية الفلسطينية طي النسيان وبعد حذف هذه القضية لاداعي لوجود سلطة لفلسطينية.
لاشك أن هدم منازل الفلسطينيين في مناطق "أ" التي تخضع أمنيا وإداريا بالكامل للسلطة الفلسطينية، يكش فعن نية إسرائيل لتطبيق بنود صفقة القرن خطوة خطوة، فهدم منازل الفلسطينيين في صور باهر يأتي في إطار العمل لاستكمال ما تنص عليه بنود صفقة القرن الأمريكية والتي بدأت بنقل السفارة الأمريكية إلي القدس المحتلة و شجيع الدول لنقل سفاراتها إلى هذه المدينة، قم المصادقة علي قانون القومية، والسعي الحثيث لضم الضفة الغربية للأراضي التي تسيطر عليها اسرائيل.
ومهما يكن من الأمر إن قرار عباس كان صادقا أم جاء بغية الوصول لمآرب شخصية يشكل مطلبا شعبيا كان لعباس وسلطته القيام به في وقت سابق. أما إذا كان هذا القرار صادقا فهو بحاجة إلي ترجمة من خلال اتخاذ خطوات عملية وجادة تخدم مصالح الشعب الفلسطيني وتمكنه من استعادة حقوقه، ففي هذه الحالة سنري بقايا أمل خاصة وان موازين القوي قد تغيرت لصالح محور المقاومة في السنوات الأخيرة. ثم إن ترحيب الفصائل الفلسطينية بقار رئيس السطلة الفلسطينية يشكل بداية لإنهاء الانقسام الفلسطيني والعودة للوحدة الوطنية التي تعتبر ضرورة "لمواجهة المؤامرات".