«نحن الطوفان.. نحن اليوم التالي».. رسالة المقاومة ومآلاتها

في إشارة لافتة ضمن عمليات تبادل الأسرى الجارية، علّقت كتائب القسام، الجناح العسكري لحركة حماس، لافتة تحمل عبارة "نحن الطوفان.. نحن اليوم التالي" على منصة تسليم الدفعة الخامسة من أسرى الاحتلال في المحافظة الوسطى بقطاع غزة.
في إشارة لافتة ضمن عمليات تبادل الأسرى الجارية، علّقت كتائب القسام، الجناح العسكري لحركة حماس، لافتة تحمل عبارة "نحن الطوفان.. نحن اليوم التالي" على منصة تسليم الدفعة الخامسة من أسرى الاحتلال في المحافظة الوسطى بقطاع غزة. هذه العبارة المختصرة، لكنها زاخرة بالمعاني والدلالات، تعكس موقفًا استراتيجيًا للمقاومة الفلسطينية وتوجهاتها المستقبلية، في ظل استمرار العدوان الإسرائيلي على القطاع.
العبارة خطتها كتائب القسام بثلاث لغات، العربية والعبرية والإنجليزية، وهي بالتالي تحمل رسائل لأطراف عديدة محليا ودوليا.
تشكّل كلمة "الطوفان" إشارة واضحة إلى عملية "طوفان الأقصى" التي انطلقت في السابع من أكتوبر 2023، والتي مثلت تحولًا نوعيًا في طبيعة المواجهة مع الاحتلال الإسرائيلي. من خلال استخدام هذا المصطلح، تؤكد المقاومة أن العملية ليست حدثًا عابرًا، بل جزء من مشروع طويل الأمد يستهدف إعادة صياغة المعادلة السياسية والعسكرية في المنطقة.
أما عبارة "اليوم التالي"، فهي تحمل بُعدًا استراتيجياً يتعلق بالمستقبل، إذ توحي بأن المقاومة لا تكتفي بالتأثير في اللحظة الراهنة، بل تمتلك تصورًا لما بعد المواجهة، وأنها تستعد لمعادلات جديدة تتجاوز الواقع الحالي، سواء على مستوى المواجهة العسكرية أو على صعيد التفاوض السياسي والميداني.
من خلال هذه اللافتة، تحمل المقاومة رسالة مزدوجة:
1. للاحتلال الإسرائيلي وحليفته الولايات المتحدة: أن المواجهة لم تنتهِ، وأنه حتى بعد العمليات العسكرية والضغوط الدولية، فإن المقاومة ما زالت قادرة على فرض إرادتها، وإبقاء زمام المبادرة بيدها، سواء في ملف الأسرى أو في الميدان، ولن تسمح باستمرار اضطهاد شعبنا الفلسطيني وحرمانه من حقوقه.
2. للشعب الفلسطيني وأنصاره: أن "الطوفان" ليس مجرد هبّة لحظية، بل مشروع تحرري مستمر، وأن "اليوم التالي" يعني أن المقاومة تستعد للمرحلة القادمة، سواء كانت مرحلة تهدئة بشروط جديدة أو استمرارًا للتصعيد العسكري والسياسي، أيضا تؤكد أن المقاومة لن تتخلى عن شعبها الذي قدم تضحيات هائلة ولن تتركه فريسة للمرواغة والمماطلة الإسرائيلية بتنفيذ كافة تعهدات اتفاق وقف إطلاق النار.
البُعد السياسي والعسكري للرسالة
تأتي هذه العبارة في وقت حساس، حيث تسود تكهنات حول مستقبل غزة، وإمكانية التوصل إلى اتفاقيات تهدئة أو تصعيد جديد، خاصة مع تزايد تصريحات الرئيس الأمريكي دونالد ترامب التي هدد فيها باحتلال بلاده قطاع غزة وتهجير سكانه، الأمر الذي قوبل بموجة رفض واستهجان واسعة دوليا.
ومن الواضح أن المقاومة تريد التأكيد على أنها لم تستنفد خياراتها، وأنها مستعدة لكل السيناريوهات، سواء كان ذلك عبر جولات تفاوضية غير مباشرة أو من خلال استمرار العمليات العسكرية.
كما أن تعليق اللافتة خلال تسليم أسرى الاحتلال يحمل دلالة خاصة، إذ يربط بين الإنجاز العسكري لعملية "طوفان الأقصى" وبين ما تحقق من مكاسب سياسية، في إشارة إلى أن ما بدأ في أكتوبر لم يكن عبثيًا، بل هدفه تحقيق نتائج ملموسة، ومن ضمنها إطلاق سراح الأسرى الفلسطينيين مقابل أسرى الاحتلال، وإنهاء الحصار المفروض على قطاع غزة ولجم اعتداءات الاحتلال بحق شعبنا.
في ظل هذه الرسالة، يبدو أن المقاومة الفلسطينية تمارس ليس فقط التأثير على ميدان المعركة العسكرية، بل أيضًا على الوعي الجمعي الفلسطيني والإسرائيلي والدولي. فعبارة "نحن الطوفان.. نحن اليوم التالي" تمثل وعدًا باستمرار المقاومة، وتحمل في طياتها رؤية استراتيجية لما بعد المرحلة الحالية.