الاثنين 24 جمادي الثانية 1447 
qodsna.ir qodsna.ir

الهروب من متطلبات السلام

 

جمیل السلحوت

 

لم یعد خافیا على أحد أن إسرائیل وبدعم لا محدود من الولایات المتحدة الأمریکیة تتهرب من متطلبات السلام المنشود فی الشرق الأوسط، بل کلما اقترب العرب خطوة من متطلبات السلام کلما ابتعدت إسرائیل وأمریکا عنه مئات الأمیال.

وبنیامین نتنیاهو رئیس الحکومة الإسرائیلیة الحاکمة معروف بتمترسه خلف عقیدته الصهیونیة بمشروعها التوسعی طویل الأمد، وهو صاحب نظریة "التکیف العربی" والتی یقول فیها بأن العرب یرفضون أیّ شیء یعرض علیهم، ثم لا یلبثون أن یتکیفوا معه، وقد أثبت التاریخ صحة نظریته مع الأسف، فـ"کنوز إسرائیل الاستراتیجیة" من الحکام العرب استجابت لضغوطات إسرائیل وأمریکا ونفذت کل ما طُلب منها دون أیّ مقابل، وکلما نفذوا طلبا کلما تولدت طلبات جدیدة أکثر قسوة.

وسیاسات الحکومات الأمریکیة المتعاقبة بخصوص الشرق الأوسط، لم تثبت أن أمریکا تکیل بمکیالین فقط، بل تثبت أن الإمبراطوریة التی تحرث العالم بقرن واحد هی الراعی الأکبر للإرهاب فی العالم، وهل هناک إرهاب أکبر من احتلال یهلک البشر والشجر والحجر ویقتلع شعبا من أرضه لإحلال آخرین مکانه؟!

ولیس دفاعا عن الرئیس محمود عباس وعن حکومة الدکتور سلام فیاض، فقد استطاعا تجرید أمریکا وإسرائیل من کافة الذرائع التی کانوا یتحججون بها، والتی تطالب الفلسطینیین بالاستجابة لها، لکن ذلک لم یغیر من موقف أمریکا وإسرائیل شیئا، وهما تدرکان جیدا أنهما ستقفان عاریتین أمام العالم أجمع الذی سیصوت فی الجمعیة العمومیة للأمم المتحدة فی ایلول القادم لصالح قبول فلسطین عضوا کاملا فی الأمم المتحدة بالرغم من "الفیتو" الأمریکی المؤکد فی مجلس الأمن.

ولیس بعیدا عن الحکومة الإسرائیلیة أن تخرج من الأزمة السیاسیة التی تنتظرها بشن حرب جدیدة فی المنطقة لخلط أوراق الصراع من جدید، فمعروف عن إسرائیل أنها تهرب من أزماتها بافتعال الحروب، خصوصا وأن حکومة إسرائیل تواجه مظاهرات کبیرة تطالب بالعدالة الاجتماعیة، وتتخوف من تطور هذه المظاهرات إلى مطالب سیاسیة عندما یدرک قادة المظاهرات ومخططوها أن الاحتلال والاستیطان هما المسؤولان عن أزمتهم التی یعانون منها، وأن حجة "الأمن" التی ترفعها الحکومات الإسرائیلیة لیست أکثر من أکذوبة اختلقتها القیادات الإسرائیلیة وما لبثت أن صدقتها، وأنها زرعت عقدة الخوف فی ثقافة شعبها لیبقى متمسکا بسیاسة الاحتلال والعدوان والتوسع.

ومن السخافة تصدیق ما تدعو إلیه أمریکا من أن الحل لن یأتی إلا من خلال المفاوضات دون تحدید مرجعیة قانونیة ودولیة لذلک، فإسرائیل فاوضت عشرین عاما منذ مؤتمر مدرید وحتى الآن ولم تقدم للفلسطینیین والعرب شیئا، بل العکس هو الصحیح، فقد کثفت البناء الاستیطانی فی محاولة منها لفرض حقائق على الأرض، خوفا من أن تتعرض لضغوطات دولیة تجبرها على الانسحاب.

من هنا فإن الإصرار على الذهاب للأمم المتحدة فی أیلول القادم یبقى ضرورة قصوى یشکل التراجع عنها خطیئة، نأمل أن لا تقع القیادة الفلسطینیة فیها تحت ضغوط عربیة ودولیة. وعلى القادة العرب أن یتعلموا کیف یقولون لأمریکا "کفى إذلالا، فشعوبنا ما عادت تحتمل أکثر مما جرى ویجری، وأن المصالح الأمریکیة فی المنطقة لن تستمر من خلال السیاسة الأمریکیة المعادیة للحقوق العربیة وللقانون الدولی.

ن/25

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 


| رمز الموضوع: 143265







الصفحات الاجتماعية
instagram telegram twiter RSS
فيديو

وكالةالقدس للأنباء


وكالةالقدس للأنباء

جميع الحقوق محفوظة لوکالة القدس للأنباء(قدسنا)