qodsna.ir qodsna.ir

الهروب إلى النووی

 

الهروب إلى النووی

 

فایز أبو شمالة

 

بشکل متعمد، ولشیء فی نفس یعقوب، تکشف القناة الثانیة الإسرائیلیة عن قدرات إسرائیل النوویة، لیصیر السر الذی ظل دفین المصالح الأمنیة، یصیر لغة الإعلام الدولیة، مع نشر التقریر المصور النادر لأهم المواقع الأمنیة حساسیة فی إسرائیل، بل تجرى القناة الثانیة حواراً مع العاملین فی الموقع، وتختتم تقریرها بجملة: والمخفی أعظم!

فلماذا سمحت الرقابة العسکریة الإسرائیلیة لوسائل الإعلام بتصویر الموقع النووی الحساس، ونشر الأخبار عن قدرات إسرائیل النوویة، فی الوقت الذی تنفی فیه إسرائیل رسمیاً امتلاکها السلاح النووی، وترفض التفتیش الدولی لمنشآتها النوویة؟ لماذا وقد سبق أن عاقبت الرقابة العسکریة إعلامیین نشروا بعض المعلومات العسکریة عن حرب غزة؟.

من الثابت أن الإعلام الإسرائیلی لیس بریئاً وهو ینشر المعلومات عن قدرات إسرائیل النوویة، فهو جزء من المعرکة، وسبق وأن نشر الإعلام الإسرائیلی قبل أسابیع الأخبار عن الاستنفار النووی الإسرائیلی ضد سوریا العربیة ومصر العربیة أثناء حرب أکتوبر 1973، وینشر الإعلام الإسرائیلی هذه الأیام الأخبار عن عملیات سریة بعیدة، قام بتنفیذها الکوماندوز البحری الإسراٍئیلی، ولا یمکن نشر تفاصیلها السریة!

أجزم أن الهدف النفسی من وراء نشر هذه الأخبار المطمئنة للمجتمع الإسرائیلی أهم بکثیر من تخویف العرب والمسلمین من امتلاک إسرائیل للسلاح النووی، ولا سیما أن استطلاعات الرأی داخل المجتمع الإسرائیلی قد أشارت قبل عام، وبأغلبیة ساحقة؛ إلى رغبة الإسرائیلیین فی حزم حقائبهم والرحیل عن هذه البلاد إذا امتلکت إیران سلاحاً نوویاً!.

وفی هذا المقام لا یمکن تجاهل عاملین أثرا على المزاج الإسرائیلی، وأحدثا فیه الصدمة التی استوجبت شد أزره بالأخبار عن امتلاک إسرائیل لقدرات نوویة مطمئنة، وهذان العاملان هما: التهدیدات المتواصلة للرئیس الإیرانی بزوال إسرائیل، والتحولات الإستراتیجیة داخل المجتمع الترکی، وعدائه المعلن لدولة الکیان الصهیونی، فإذا أضیف لما سبق قدرات المقاومة العسکریة فی الجنوب اللبنانی، وفی قطاع غزة، انجلت الصورة عن فزع یطوف شوارع المدن الإسرائیلیة، ویدخل المطابخ وغرف النوم لأول مرة فی تاریخ إسرائیل.

لقد اجتهدت إسرائیل عشرات السنین، وتآمرت مع قوى دولیة ومحلیة لتدمیر قدرات دول الطوق العربی، وإزالة الخطر القریب عن إسرائیل، وعندما حسبت نفسها قد نجحت، واطمأنت إلى ذلک، جاءها الخطر الماحق من بعیدٍ، من قریبٍ ومن بعیدٍ!.

ن/25

 

 


| رمز الموضوع: 139906